Kajian Tentang Muqaddimah Ibn Khaldun
دراسات عن مقدمة ابن خلدون
Genre-genre
بعد ذلك رحل من هناك إلى تلمسان، حيث التقى بالسلطان «أبو عنان» ووزيره «الحسن بن عمر»، ثم سافر إلى بجاية برفقة الوزير المشار إليه، وقضى فصل الشتاء هناك.
وعندما عاد السلطان أبو عنان إلى مقر ملكه - بعد الاستيلاء على تلمسان وبجاية - وأخذ يجمع أهل العلم والأدب «للتحليق بمجلسه»، وينتقي طلبة العلم للمذاكرة في ذلك المجلس، استقدم ابن خلدون إلى فاس بناء على توصية البعض ممن كانوا التقوا به في تونس، وعجبوا بذكائه ومواهبه.
وبهذه الصورة وصل ابن خلدون إلى مدينة فاس. (3) في فاس (1354-1362)
أقام ابن خلدون في فاس ثمانية أعوام، وجد خلالها مجالا واسعا لمواصلة الدرس والاستزادة من العلم كما كان يأمله ويشتهيه، اتصل في عاصمة المغرب بكثير من رجال العلم والأدب، أخذ عنهم واستفاد من علمهم، وكان بعضهم ممن يقيمون في فاس، وبعضهم ممن وفدوا إليها من الأندلس لمناسبات مختلفة، كما أنه خلال هذه الأعوام الثمانية مارس إنشاء الرسائل ونظم الشعر، وإلقاء الخطب أيضا. وخلاصة القول: إنه عاش في فاس حياة فكرية وأدبية شديدة النشاط.
ولكنه خلال كل ذلك خاض غمار الحياة السياسية أيضا، وكانت حياته هذه كثيرة التقلب؛ تولى وظائف عديدة في عهود أربعة سلاطين ووزيرين من الوزراء المستبدين بسلاطينهم، شاهد عدة انقلابات، لعب في بعضها دورا هاما، واشترك في مؤامرة فشلت وأودت به إلى السجن أيضا.
عقب وصول ابن خلدون إلى فاس، نظمه السلطان أبو عنان «في أهل مجلسه العلمي، وألزمه شهود الصلوات معه، ثم استعمله في كتابته والتوقيع بين يديه»، وابن خلدون تولى هذه الوظيفة «على كره منه»؛ لأنه كان يعتبرها غير متناسبة مع مكانة أسرته، وكان يطمح بمناصب أعلى وأرفع منها.
ولا شك في أن هذا الطموح كان من جملة العوامل التي دفعته إلى الاشتراك في وضع الخطة السرية التي كان ينوي اتباعها الأمير الحفصي محمد بن عبد الله للفرار من فاس؛ بغية استرداد إمارته في بجاية.
من المعلوم أن السلطان «أبو عنان» عندما عاد وأخضع بجاية إلى الحكم المريني، كان نقل أميرها إلى فاس، وفرض عليه الإقامة هناك، وعندما مرض السلطان أراد الأمير أن يغتنم فرصة هذا المرض، وأخذ يبحث عن الوسائل التي تضمن له الخروج من فاس والوصول إلى بجاية، وكان ابن خلدون تعارف وتصادق مع الأمير منذ وصوله إلى فاس؛ بسبب العلاقات التي كانت تربط أسرته بأسرة بني حفص منذ عدة أجيال، فكان من الطبيعي أن يفاتح الأمير ابن خلدون بما ينتويه، وأن يطلب مساعدته في أمر تحقيق مأربه، ويظهر أن ابن خلدون وعده بتهيئة الوسائل اللازمة لذلك، كما أن الأمير وعده بتوليته منصب الحجابة عند استعادته الإمارة.
إلا أن السلطان علم بهذه المفاوضات والاستعدادات السرية، وغضب على ابن خلدون غضبة شديدة، وأمر بسجنه وامتحنه في السجن.
بقي ابن خلدون مسجونا مدة سنتين، ولم يخرج منه إلا بعد أن مات أبو عنان، وقام بأمر الدولة وزيره الحسن بن عمر باسم «السلطان السعيد» الصغير الذي نصبه على العرش.
Halaman tidak diketahui