241

Kajian Tentang Muqaddimah Ibn Khaldun

دراسات عن مقدمة ابن خلدون

Genre-genre

إن الرابطة المعنوية التي تربط ذوي القربى والأرحام بعضهم ببعض من الأمور التي لم تخف على أنظار العقول السليمة في العالم العربي منذ العصور القديمة. ومما يدل على ذلك دلالة قوية؛ أن اللغة العربية تسمي ذوي القربى باسم «العصبة»، وهذه الكلمة تمت بصلة الاشتقاق إلى كلمة «العصب» بمعنى الشد والربط، وكلمة «العصابة» بمعنى «الرابطة»، كما أنها تسمي الخصال والأفعال الناجمة عن ذلك - من تعاضد وتشيع - باسم «العصبية».

أما ابن خلدون فيتخذ رابطة العصبية موضوعا لدراسة شاملة وعميقة، يستعرض أشكالها وصورها المختلفة، ويتتبع الأدوار التي في حياة المجتمعات بوجه عام، وفي حياة الدول بوجه خاص، بتوسع يستلفت الأنظار، وتعمق يستثير الإعجاب. (2)

يتكلم ابن خلدون أولا عن مصدر العصبية، ويردها إلى الطبيعة البشرية، وإلى أثر القرابة في الحياة الاجتماعية: «إن صلة الرحم طبيعية في البشر، إلا في الأقل، ومن صلتها؛ النعرة على ذوي القربى والأرحام أن ينالهم ضيم أو تصيبهم هلكة.» «فإن القريب يجد في نفسه غضاضة من ظلم قريبه أو العداء عليه، ويود لو يحول بينه وبين ما يصله من المعاطب والمهالك.» «نزعة طبيعية في البشر مذ كانوا» (ص129).

إن هذه النزعة الطبيعية في البشر تؤدي إلى «الاتحاد والالتحام» بين أفراد النسب الواحد؛ لأنها تحملهم على «التعاضد والتناصر»، وتستلزم «استماتة كل واحد منهم دون صاحبه» (ص154).

ولهذا السبب نجد أن أفراد النسب الواحد يشتركون في «حمل الديات»، ويتعاونون على «دفع العدوان»، ويتناصرون في «تحقيق المطالبات». «وأما المنفردون في أنسابهم، فقل أن يصيب أحدا منهم نعرة على صاحبه. فإذا أظلم الشر يوم الحرب؛ تسلل كل واحد منهم يبغي النجاة لنفسه» (ص128).

يتبين مما تقدم أن العصبية تتولد من القرابة - من حيث الأساس - وهي تستند إلى وحدة النسب في الدرجة الأولى. (3)

غير أن القرابة والنسب من الأمور التي تحتاج إلى نظر وتأمل من وجوه عديدة.

أولا:

إن للقرابة درجات ومراتب متفاوتة، من التي بين أبناء الأب الواحد إلى التي بين أهل القبيلة الواحدة. إذ لا شك في أن القرابة التي تربط الإخوة المنحدرين من صلب أب واحد، تكون أقوى من التي تربط أهل البيت الواحد، كما أن هذه تكون أقوى من القرابة التي تربط أهل العشير الواحد، وخاصة من التي تربط بطون القبيلة الواحدة.

إن قوة العصبية المتولدة من القرابة تختلف باختلاف درجة هذه القرابة؛ ولذلك نجد أن الالتحام المتولد من وحدة النسب الخاص يكون أقوى من الالتحام المتأتي من وحدة النسب العام. «والنعرة تقع من أهل النسب الخاص والعام» في وقت واحد، غير أنها «تكون أشد في النسب الخاص» (ص131).

Halaman tidak diketahui