Din
الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
Genre-genre
ومن هنا نشأت القاعدة الإسلامية المحكمة المبرمة في القرآن، قاعدة حرية العقيدة:
لا إكراه في الدين (سورة البقرة: 256)، ومن هنا رسم القرآن أسلوب الدعوة ومنهاجها فجعلها دعوة بالحجة والنصيحة في رفق ولين:
ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة (سورة النحل، الآية: 125).
على أن الإسلام لا يكتفي منها بهذا الموقف السلمي السلبي - وهو عدم إكراه الناس على الدخول فيه - بل يتقدم بنا إلى الأمام فيرسم لنا خطوات إيجابية نكرم بها الإنسانية في شخص غير المسلمين.
هل ترى أسمى وأنبل من تلك الوصية الذهبية التي يوصينا بها القرآن في معاملة الوثنية التي هي أبعد الديانات عن الإسلام، فضلا عن الديانات التي تربطنا بها أواصر الوحي السماوي؟ اقرأ في سورة التوبة:
وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه (سورة التوبة: 6) ... فأنت تراه لا يكتفي منا بأن نجير هؤلاء المشركين ونؤويهم ونكفل لهم الأمن في جوارنا فحسب، ولا يكتفي منا بأن نرشدهم إلى الحق ونهديهم طريق الخير وكفى، بل يأمرنا بأن نكفل لهم كذلك الحماية والرعاية في انتقالهم حتى يصلوا إلى المكان الذي يأمنون فيه كل غائلة.
ثم هل نرى أعدل وأرحم، وأحرص على وحدة الأمة وتماسكها من تلك القاعدة الإسلامية، التي لا تكتفي بأن تكفل لغير المسلمين في بلاد الإسلام حرية عقائدهم وعوائدهم، وحماية أشخاصهم وأموالهم وأعراضهم، بل تمنحهم من الحرية والحماية، ومن العدل والرحمة قدر ما تمنحه للمسلمين من حقوق العامة «لهم ما لنا وعليهم ما علينا»، شرح سنن النسائي للسندي.
ثم هل ترى أوسع أفقا، وأرحب صدرا، وأسبق إلى الكرم، وأقرب إلى تحقيق السلام الدولي والتعايش السلمي بين الأمم، من تلك الدعوة القرآنية التي لا تكتفي في تحديد العلاقة بين الأمم الإسلامية وبين الأمم التي لا تدين بدينها، ولا تتحاكم إلى قوانينها، لا تكتفي في تحديد هذه العلاقة بأن تجعلها مبادلة سلم بسلم:
وإن جنحوا للسلم فاجنح لها (سورة الأنفال، الآية: 61)،
فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا (سورة النساء، الآية: 90)، بل تندب المسلمين أن يكون موقفهم من غير المسلمين موقف رحمة وبر، وعدل وقسط:
Halaman tidak diketahui