Dibaj Wadi
الديباج الوضي في الكشف عن أسرار كلام الوصي
Genre-genre
(واستأدى الله سبحانه الملائكة وديعته(1) لديهم، وعهد وصية إليهم، في الإذعان بالسجود له والجنوح(2) لتكرمته فقال: {اسجدوا لآدم فسجدوا})[البقرة:34]: استأدى الشيء إذا طلب أداءه، يريد أن الله تعالى قد كان عهد إلى الملائكة عهدا أودعه عندهم وقرره في نفوسهم، بقوله: {إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون}[الحجر:28]، وأمرهم بالإذعان وهو: الانقياد للسجود عند تسويته، واستقامته بشرا سويا وشبحا آدميا تكرمة [له](3) إذ جعله قبلة يسجد لله نحوه، كما فعل القبلة مكانا يسجد لله نحوه، فقال: {اسجدوا لآدم فسجدوا}[البقرة:24] امتثالا للأمر وانقيادا له.
({إلا إبليس} وقبيله): هو: استثناء منقطع؛ لأن إبليس لم يكن من الملائكة وإنما هو من الجن، وإذا كان مخلوقا من نار والملائكة مخلوقون من نور فليس مندرجا تحتهم فلهذا كان منقطعا، وأنكر بعض الأصوليين الاستثناء المنقطع، وحمل الآية على أن التقدير فيها فسجد الملائكة ومن أمر بالسجود إلا إبليس، وعلى هذا يكون متصلا، وهذا تعسف لا وجه له، فإن الانقطاع وارد في اللغة لايمكن دفعه، كقولهم: ما زاد إلا ما نقص، وما نفع إلا ماضر، وقد ذكرنا ما هو الحق من ذلك في الكتب الأصولية.
Halaman 131