فإذا ترحل النهار سأل عن ورود النوب المترددة بالكتب ولها وقت معلوم تصل فيه وتراعى من ساعات النهار فإن اتفق أن تتأخر قامت القيامة ووقع البحث عن العارض العائق، فإن كان بعائق ظاهر فيه عذر قبل، أو عن أمر يحتاج الى إزالته أزيل أو من تقصير النوبيين أنزل العذاب بهم.
ولقد ذكر بعض الطراد أن أحد المرتبين قالت له امرأته:
- «قد طبخنا أرزا فتوقف لتأكل منه وتمضى .» فتوقف بقدر ما أكل وتأخرت النوبة ذلك المدى فضرب الطراد والمرتبون ما بين شيراز الى بغداد أكثر من ثلاثة آلاف عصا. لا جرم أن النوب كانت تصل من شيراز فى سبعة أيام وكان يحمل مع المرتبين بواكير الفواكه والمشموم من نواحي فارس وخوزستان فتصل طرية سليمة.
وقيل: إن بعض أصاغر الحواشي حمل فى النوبة [63] من همذان فى كتانتة [1] دنانير يسيرة الى منزله وقد كان عادتهم جارية بذاك فقصرت عن أهلها وعرف عضد الدولة الخبر فلم يزل يكشف عن ذلك إلى أن ظهر للخرائطى آخذ الدنانير فأمر بقطع يده.
فإذا وصلت النوبة كان فض ختومها وفتح خرائطها وأخرج [2] الكتب منها بحضرته ويأخذ منها ما كان الى مجلسه ويخرج الباقي الى ديوان البريد فيفرق على أربابه.
ثم يقرأ الكتب اليه كتابا كتابا ويطرحه الى أبى القاسم عبد العزيز، فإذا تكامل وقوفه عليها جدد أبو القاسم قراءتها عليه فيأمره فى جواب كل فصل بما يوقع به تحته، وأخرج منها ما يأمر بإخراجه ليواقف عليه المطهر بن عبد الله أو من يجرى مجراه فى تذكرة وهي أبدا بين يديه يعلق فيها ما يعرض له.
Halaman 54