216

Dharica Fi Makarim Sharica

الذريعة إلى مكارم الشريعة

Penyiasat

د. أبو اليزيد أبو زيد العجمي

وقد قال ﷺ: " الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها ". أحوال الناس في مراعاة أمور الدنيا والآخرة الناس في ذلك على ثلاثة أضرب: صنف: هم المنهمكون في الدنيا بلا التفات منهم إلى العقبى، وهم المسمون عبدة الطاغوت، وشر الدواب، ونحوهما من الأسماء. وصنف: مخالفون لهم غاية المخالفة، يراعون العقبى من غير التفات منهم إلى مصالح الدنيا. وصنف: متوسط بينهما قد وفوا الدارين حقهما. وهذا الصنف هم الأفضلون عند الحكماء، لأن بهم قوام أسباب الدنيا والآخرة، ومنهم عامة الأنبياء ﷺ، لأن اللَّه تعالى بعثهم لإقامة مصالح المعاد والمعاش، ولأن أمورهم مبنية على الاعتدال الذي هو أشرف الأحوال، وأجدر أن يكون ثلاثتهم داخلين في قوله تعالى: (وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (٧) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (٨) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (٩) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (١٢) . فالمراعي للدنيا والآخرة على ما يحسن وكما يحسن هو من السابقين، وقد جعل قوم السابقين النساك الذين رفضوا الدنيا بالكلية محتجين بقوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) وقد خفي على هذا القائل أن أعظم عبادة اللَّه تعالى ما يكون عائدًا بمصالح عباده، وقد روى ابن مسعود ﵁ عن النبي ﷺ أنه قال: " الخلق كلهم عيال الله فأحب الناس إليه أنفعهم لعياله ".

1 / 281