Dhakhair
الذخائر والعبقريات
Penerbit
مكتبة الثقافة الدينية
Lokasi Penerbit
مصر
Genre-genre
فأكلت منها، فلما كان الغدُ نَحرَ أخرى فقلت: إنّ عندك من اللحم ما يُغني ويكفي! فقال: إني والله لا أطعم ضيفي إلا لحمًا عبيطًا! قال: وفعل ذلك في اليوم الثالث، وفي كلِّ ذلك آكل شيئًا ويأكل الطائي أكل جماعة، ثم نؤتى باللبن فأشرب شيئًا ويشرب عامّةَ الوَطْبِ! فلما كان في اليوم الثالث ارتقبت غفلته، فاضطجع، فلما امتلأ نومًا استقت قطيعًا من إبله، فأقبلته الفجّ، فانتبه،
واختصر عليّ الطريق حتى وقف لي في مضيقٍ منه، فألقم وَتَره فوق سَهْمه، ثم نادى بي: لِتَطِبْ نفسُك عنها، قلتُ: أرني آيةً، فقال: انظر إلى ذلك الضَّبِّ، فإني واضعٌ سهمي في مَغْرِزِ ذنبه، فرماه، فأنْدر ذنَبَه، فقلت: زِدْني، فقال، انظر إلى أعلى فَقاره، فرماه، فأثبت سهمه في المَوْضع، ثم قال لي: الثالثةُ والله في كَبِدك! فقلت: شأنَك بإبلك! فقال: كلا، حتى تسوقَها إلى حيث كانت! قال: فلما انتهيت بها قال: فكَّرْت فيك فلم أجدْ لي عندك تِرَةً تطالبني بها، وما أحْسِب الذي حملك على أخْذ إبلي إلا الحاجة! قال: قلت: هو والله ذاك، قال: فاعْمد إلى عشرين من خِيارِها فخذها! فقلت: إذن والله لا أفعل حتى تسمعَ مدْحَك، والله ما رأيت رجلًا أكرم ضيافةً ولا أهدى لسبيلٍ ولا أرمى كفًا ولا أوسعَ صدرًا ولا أرْغبَ جَوْفًا ولا أكْرمَ عفوًا، منك! قال: فاستحيا فصرف وجهه عنِّي، ثم قال: انصرف بالقطيع مبارَكًا لك فيه. . . قوله: عبيطًا يقال: عَبَط فلانٌ ناقَتَه: إذا نحرها من غير داءٍ ولا كسرٍ وهي شابَّةٌ سمينةٌ، والعبيط أيضًا: اللحم الطريّ غير النضيج، والوَطْبُ: سِقاءُ اللبن خاصة من جلد، والفجُّ: الطريق الواسع بينَ جَبلين، والجمع: فِجاج؛ واختصر الطريق: سلكَ أقربَه، وفوق السهم: مَشَقُّ رأسِه حيث
2 / 8