بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة

Abdel Mutaal al-Saidy d. 1391 AH
82

بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة

بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة

Penerbit

مكتبة الآداب

Nombor Edisi

السابعة عشر

Genre-genre

وإما للقصد إلى أن السامع غبي لا يتميز الشيء عنده إلا بالحس؛ كقول الفرزدق "من الطويل": أولئك آبائي فجئني بمثلهم ... إذا جمعتنا يا جرير المجامع١ وإما لبيان حاله في القرب أو البعد أو التوسط٢؛ كقولك: "هذا زيد، وذلك عمرو، وذاك بشر". وربما جعل القرب ذريعة إلى التحقير٣ كقوله تعالى: ﴿وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ﴾ [الأنبياء: ٣٦]، وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا﴾ [الفرقان: ٤١]، وقوله تعالى: ﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ﴾ [العنكبوت: ٦٤] . وعليه من غير هذا الباب قوله تعالى: ﴿مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا﴾ [البقرة: ٢٦]، وقول عائشة ﵂ لعبد الله بن عمرو بن العاص: "يا عجبا لابن عمرو هذا"٤. وقول الشاعر "من الطويل": تقول ودقت نحرها بيمينها: ... أبعلي هذا بالرحى المتقاعس؟ ٥ وربما جعل البعد ذريعة إلى التعظيم؛ كقوله تعالى: ﴿الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾

١ هو لهمام بن غالب المعروف بالفرزدق، والتعريض بالغباوة ناشئ من استعمال اسم الإشارة في آبائه -وهم غائبون- لموتهم، والأمر في قوله: "فجئني" للتعجيز. ٢ هذا أيضا من المعاني الأصلية لاسم الإشارة. ٣ قد يجعل أيضا ذريعة إلى التعظيم؛ كقوله تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ [الإسراء: ٩]، فينزّل قربه من ساحة الحضور والخطاب منزلة قرب المسافة. ٤ تريد بهذا تخطئته في فتواه بنقض النساء ذوائبهن في الاغتسال. ٥ هو للهذلول بن كعب العنبري، ويقال له: الذهلول أيضا، وقيل: لغيره. وكانت امرأته رأته يطحن بالرحى لأضيافه فأنكرت عليه. وبعده: فقلت لها: لا تعجبي وتبيني ... بلائي إذا التفت علي الفوارس والمتقاعس: الذي يدخل ظهره ويخرج صدره، ضد الأحدب. والشاهد في أن اسم الإشارة فيه مسند، لا مسند إليه.

1 / 84