بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة
بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة
Penerbit
مكتبة الآداب
Edisi
السابعة عشر
Genre-genre
ظهوره حتى كأنه محسوس بالبصر. ومنه في غير باب المسند إليه قوله "من الطويل":
تعاللتِ كي أشجى وما بك علة ... تريدين قتلي، قد ظفرتِ بذلك١
وإما لنحو ذلك٢.
وإن كان المظهر غير اسم إشارة؛ فالعدول إليه عن المضمر إما لزيادة التمكين٣ كقوله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ﴾ [الإخلاص: ١، ٢]، ونظيره من غيره قوله: ﴿وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ﴾ [الإسراء: ١٠٥]، وقوله: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ [البقرة: ٥٩] .
وقول الشاعر:
إن تسألوا الحق نعطِ الحق سائله٤
بدل "نعطكم إياه".
وإما لإدخال الرَّوْع في ضمير السامع وتربية المهابة، وإما لتقوية داعي المأمور٥. مثالهما قول الخلفاء: "أمير المؤمنين يأمرك بكذا". وعليه من غيره: ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾ ١.
وإما للاستعطاف، كقوله:
إلهي عبدك العاصي أتاكا٢
وإما لنحو ذلك٣
١ هو كما رواه المبرد لمرة بن عبد الله الهلالي، وقوله: "تعاللت" بمعنى ادعاء العلة. وقوله: "أشجى" بمعنى أحزن، والشاهد في وضع اسم الإشارة موضع الضمير؛ لأن الظاهر أن يقال: قد ظفرتِ به أي: بالقتل، والداعي إلى ذلك هو ادعاء كمال ظهوره حتى كأنه محسوس بالبصر.
٢ كالإشارة إلى بعده، ويمكن أن يحمل عليه ما في البيت السابق أيضا؛ بأن يكون مراده به الإشارة إلى بعد قتله لكمال شجاعته.
٣ هذا إذا كان المقام يقتضي الاعتناء بالمسند إليه.
٤ هو لعبد الله بن عنمة الضبي من قوله "من البسيط":
إن تسألوا الحق نعط الحق سائله ... والدرع محقبة والسيف مقروب
والمحقبة: المشدودة في الحقبة، والمقروب: الموضوع في قرابه. وسيأتي هذا البيت مع بيت قبله في شواهد الالتفات.
٥ أي: إلى امتثال ما أُمر به.
1 / 136