107

بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة

بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة

Penerbit

مكتبة الآداب

Nombor Edisi

السابعة عشر

Genre-genre

أغراض التقديم: وأما تقديمه فلكون ذكره أهم؛ إما لأنه الأصل ولا مقتضى للعدول عنه١، وإما ليتمكن الخبر في ذهن السامع؛ لأن في المبتدأ تشويقا إليه؛ كقوله "من الخفيف": والذي حارت البَرِيَّة فيه ... حيوان مستحدث من جماد٢ وهذا أولى من جعله شاهدا؛ لكون المسند إليه موصولا كما فعل السكاكي٣. وإما لتعجيل المسرة أو المساءة؛ لكونه صالحا للتفاؤل أو التطير؛ نحو: "سعد في دارك، والسفاح في دار صديقك". وإما لإيهام أنه لا يزول عن الخاطر، أو أنه يُستلذ، فهو إلى الذكر أقرب٤. وإما لنحو ذلك٥.

١ هذا إذا كان المسند إليه مبتدأ أو نحوه، لا فاعلا أو نحوه، ولا يخفى أن هذه نكتة ضعيفة لا يعول عليها هنا. ٢ هو لأحمد بن عبد الله المعروف بأبي العلاء المعري، وقوله: "حارت" بمعنى اختلفت، من إطلاق الملزوم وإرادة اللازم على سبيل المجاز المرسل، واسم الموصول مبتدأ وخبره حيوان على تقدير مضاف، أي: معاد حيوان كما يدل عليه سياق القصيدة. ويجوز أن يراد استحداث الحيوان من النطفة؛ فلا يحتاج إلى تقدير مضاف. ٣ المفتاح ص٩٨، ولا مانع من جعله شاهدا لهما معا، ومما يدخل في هذا الغرض أن يكون المسند إليه ضمير شأن أو قصة، كما في قول الشاعر "من الوافر": هي الدنيا تقول بملء فيها ... حَذارِ حَذارِ من بطشي وفتكي ٤ كقول جميل: بثينة ما فيها إذا تبصرت ... معاب ولا فيها إذا نُسبتْ أشب ٥ كإظهار تعظيمه في نحو قوله تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ [الفتح: ٢٩]، أو تحقيره في قولك: "الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة".

1 / 109