Descartes: Pengenalan Ringkas
ديكارت: مقدمة قصيرة جدا
Genre-genre
ويفي ديكارت بهذا المتطلب تماما؛ فهو يدرك أن مفهوم العقل يمتد إلى كائنات أخرى خلاف البشر، لكن طريقة تفكيره في العقل - وهذا ما أراه مميزا في نظريته - منفصلة عمدا عن علم البيولوجيا، كما أنها أقل اعتمادا على السبل التي يمكن بها أن تقترب قدرات المخلوقات الأدنى منزلة من قدرات البشر بالمقارنة بالسبل التي يمكن بواسطتها أن توجد قدراتنا بشكل أكثر تطورا في الكيانات الفائقة للبشر، كالملائكة وما شابه. وحقيقة الأمر أن ديكارت يصنف العقول بحسب مدى قدراتها لا بالرجوع إلى الأنواع البيولوجية للكائنات التي تملك تلك العقول. فعقلنا ليس بشريا بقدر ما هو محدود، والرب ليس بشرا فائقا بقدر ما هو لا محدود، وامتلاكنا للعقول بالنسبة لنا «شأنه شأن» امتلاكنا لقدرات من النوع العام نفسه الذي يمتلكه الرب ، ولو أنها أكثر محدودية وقصورا من الرب بمراحل. والنقطة المحورية هي أن عقل الرب الكامل أو اللامحدود هو الذي يضع معيار أي شيء باعتباره عقلا.
استنادا لهذه الخلفية، من الممكن فهم تمييز ديكارت الاعتباطي بين القدرات الفكرية البحتة من ناحية وقدرات الإحساس والخيال المفترضة مسبقا وجود جسد من ناحية أخرى. ويمكن أن يعتبر ذلك تقسيما للقدرات إلى تلك التي يمكن أن تكون مشتركة بيننا وبين الرب، والتي بموجبها يمكننا أن نتمتع بشيء من فهمه الموضوعي للواقع، وتلك التي ليست مشتركة بيننا وبين الرب ولا تستدعيها الضرورة للفهم الموضوعي للأمور.
ويناسب هذا التفسير عددا من الفقرات الواردة في «تأملات في الفلسفة الأولى» يقارن فيها ديكارت بين البشر والرب، وهي فقرات عادة ما يتجاهلها النقاد. ففي التأمل الرابع، على سبيل المثال، يقول ديكارت:
أدرك أنني - على ما يبدو - شيء ما بين الرب والعدم، أو ما بين الكائن الأسمى والعدم: طبيعتي بقدر ما خلقها الكائن الأسمى توجب أنه لا يوجد شيء بداخلي يمكنني من أن أسلك الدرب الخاطئ أو أن أنحرف عن جادة الطريق، ولكن بالقدر الذي أشترك فيه مع العدم؛ أي بقدر ما أنني لست المخلوق الأسمى، وأنني قاصر في جوانب لا حصر لها، لا عجب أنني أقترف الأخطاء. (7 : 54)
يضع ديكارت نفسه على مسافة متساوية على ميزان الوجود الذي ينتهي إلى الكائن الأسمى، وبينما يزعم أنه لا شيء يعيبه فكريا طالما أن الذي خلقه هو الرب، فهو يوحي بأن ثمة شيئا يعيبه طالما أنه فان أو أدنى سموا. وتضع فقرة شبيهة للفقرة التي سلف الاقتباس منها، في التأمل الثالث (7 : 51)، قدرات العقل البشري لا في الترتيب الطبيعي للأنواع، بل في ترتيب يختص بالمواد من حيث كونها أكثر أو أقل كمالا.
وإذ يرسي ديكارت قواعد شيء فائق للبشر وغير بيولوجي كنموذج المادة العقلية، فهو يضع نظرية لا تعترف بوجود عقول في الحيوانات غير البشرية مطلقا، وهو ما يعيبها. (ولقد صدم هذا الوصف بعض قرائه إذ ألمح إلى أن حيواناتهم الأليفة ما هي إلا آلات غير مفكرة.) على الجانب الآخر، وهو ما يميزها، فالنظرية تنظر لحدود العقل البشري؛ وبذلك يبطل النزوع إلى اعتبار العقل البشري النموذج الأفضل من نوعه، دون أسلوب الشك المعتاد. العقل البشري محدود، ولكن بما أنه نسخة محدودة من العقل الإلهي، فمن المنطقي أن تكون ممارسة العلوم في مقدور البشر وضمن قدراتهم.
الفصل السادس عشر
الجسد
كما أن مفهوم العقل دون صفات تنطوي على وجود جسد من المفترض أن يكون كاملا، كذلك من المفترض أن يكون كاملا مفهوم الجسد الذي يستبعد جميع الخصائص التي تعتمد على عقل. إن صحة هذا المفهوم المتشدد عن الجسد، والذي يستبعد درجة الحرارة واللون والرائحة والملمس وما إلى ذلك، هي واحدة من أواخر المزاعم التي حاول ديكارت أن يرسيها في مؤلفه «تأملات في الفلسفة الأولى»؛ وهي واحدة من أوائل المزاعم التي حاول إثباتها في كتابه «العالم»؛ ولذلك من المنطقي أن نعتبر هذا المفهوم عن الجسد شيئا مصمما لتدعيم الأواصر بين ميتافيزيقا ديكارت وفيزيائه.
هناك تواز بين الطريقة التي تناول بها مفهومه عن الجسد والطريقة التي تناول بها مفهومه للعقل. فيبدأ ديكارت بوصف الرؤية الساذجة أو البديهية لكل مادة، ويمضي قدما مقسما الخصائص التي تعزوها البديهة إلى الجسد والعقل إلى تلك التي تنتمي حقا للمادة المعنية، وتلك التي تبدو وحسب وكأنها تنتمي لها، ثم يحاول أن يفسر كيف يمكن الخلط بين الخصائص التي لا تنتمي حقا وتلك التي تنتمي. وفي كل حالة، يفسر وجودنا المجسد الخلط ما بين الخصائص الظاهرية والحقيقية، أو إن شئنا التعبير عن الفكرة بشيء أكثر من التفصيل، فإننا نضل الطريق بفعل عادة وضع تصورات عن المواد بمساعدة الحواس وحدها. فعندما نعتبر الأجسام قاصرة دون خصائص كاللون؛ فإننا نعلي من قدر - عن طريق الخطأ - سماتها المدركة بالحواس؛ وعندما ننظر إلى أنفسنا باعتبارنا قاصرين انطلاقا من كوننا عبارة عن عقول أو إرادات فقط؛ فإننا نتسرع في إصدار الأحكام على أساس شعورنا بأننا مندمجون مع أجسادنا أو لا ننفصم عنها.
Halaman tidak diketahui