قلت: وسيأتي ذكر ذلك في آخر هذا الجزء إن شاء الله تعالى عند ذكر علي بن صلاح، ومات الملك الظاهر في شهر رجب من سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة بمدينة زبيد، ثم نقل إلى تعز فقبر بمدرسته الظاهرية، ثم ولي بعد الملك الظاهر هذا، ولده الأشرف إسماعيل بن الظاهر، فبايعه كبراء دولته، ومشى على منهاج سلفه وكان سفاكا للدماء من رجال ونساء، وشد على العرب بالغارات، والحرب بينهم سجالا إلى آخر سنة ثلاث وأربعين. وتزايد الشر بينه وبينهم، وله معهم عدة وقائع له وعليه منها يوم العذيب وهو دار أبيه بالنخل، إجتمع القرشيون(1) والمعازبة(2) وقصدوه الى دار العذيب (فكانت له عليهم)(3)، ومنها يوم الفضين(4)، وكان له عليهم، ومنها يوم العرمة وهو عليه، قتل القرشيون من عسكره جمعا(5) كثيرا، ومنها وقعة القاهرة(6) بينه وبين المعازبة وكانت عليه قتلوا من عسكره كثيرا (7)، ومنها وقعة المسافة(8) بينه وبين القرشيين، وكانت عليه لم يسلم منها من عسكره إلا اليسير ولم ينج الا بنفسه ولم يبق معه شيء سوى دبوس في يده، ومنها وقعة السماط المشهورة في جمادي من سنة خمس وأربعين، عمل الأشرف سماطا ببيت الفقيه بن عجيل(9) وطلب مشايخ المعازبة ومشاهيرهم، فلما قعدوا يأكلون أمر العسكر بضرب رؤوسهم، فضربت على السماط رؤوس المعازبة أربعين رجلا ولم ينج منهم إلا القليل.
ثم مات الأشرف في سلخ شهر رمضان من سنة خمس وأربعين بدار السرور من تعز، ودفن عند والده بالظاهرية، وكان الأشرف هذا آخر ملوك بني رسول الذين كان(1) لهم الإقدام والإحجام.
وقد كان فر منه إلى وصاب ابن عمه المظفر يوسف بن المنصور وأقام بها عند الشيخ صالح بن يحيى بن عمر الدباني(2) صاحب الضحى(3)، فلما انقضت مدة الأشرف[356] بن الظاهر، أجمع أهل العقد والحل(4) من أهل دولتهم على إقامة المظفر المذكور وكان(5) الناس يلهجون به قبل ولايته فتسلم المظفر وصابا، ثم سار إلى تعز فخرج جماعة من الترك والجند الذين بايعوه عن طاعته ونزل المماليك إلى زبيد ورأسوا بعضهم ففعلوا الأفاعيل.
ثم أقاموا أسد الدين محمد بن إسماعيل بن عثمان بن الأفضل سلطانا بتربة الطلحية فلقبوه المفضل(6) فدخل مدينة زبيد أول سنة ست وأربعين، وصرف أموالا كثيرة، وأدخل العرب زبيد، وأعطاهم جملة من الخيل والسلاح حتى قويت شوكتهم، فأخذوا نخل الوادي بزبيد على أهله، واقتسمه القرشيون والمعازبة ومنعوا منه أهله، ثم اختلف القرشيون والمعازبة فاقتتلوا فاستقل القرشيون بالنخل إلى ولاية الملك المجاهد علي بن طاهر كما سنذكره إن شاء الله في ابتداء ولاية بني طاهر في أول الجزء الثالث إن شاء الله تعالى.
Halaman 156