دراسة في السيرة
دراسة في السيرة
Penerbit
دار النفائس
Nombor Edisi
الثانية
Tahun Penerbitan
١٤٢٥ هـ
Lokasi Penerbit
بيروت
Genre-genre
صلّ بالناس، وجلس إلى جنبه، وصلى قاعدا عن يمين أبي بكر. فلما فرغوا من الصلاة راح الرسول يتحدث إليهم رافعا صوته، حتى ظن أصحابه أن قد زال ما به من وجع واستأذنه أبو بكر في الذهاب إلى أهله بالسنح، إحدى ضواحي المدينة، وسأل الناس عليا: يا أبا الحسن كيف أصبح رسول الله؟ فقال: أصبح بحمد الله بارئا «١» !!.
لكن تلك الإشراقة لم تكن سوى صحوة الموت، ولنستمع إلى عائشة ﵂ وهي تحدثنا عن اللحظات الأخيرة من حياة الرسول ﷺ: «رجع إلي رسول الله ﷺ في ذلك اليوم حين دخل من المسجد، فاضطجع في حجري، فدخل عليّ رجل من آل أبي بكر وفي يده سواك أخضر، فنظر رسول الله إليه في يده نظرة عرفت أنه يريده فقلت: يا رسول الله أتحب أن أعطيك هذا السواك؟
قال: نعم. فأخذته فمضغته حتى لينته ثم أعطيته إياه، فاستنّ به كأشد ما رأيته يستن بسواك قط ثم وضعه. ووجدت رسول الله ﷺ يثقل في حجري، فذهبت انظر في وجهه فإذا بصره قد شخص وهو يقول: (بل الرفيق الأعلى من الجنة)، فقلت: خيّرت فاخترت والذي بعثك بالحق! وقبض رسول الله ﷺ «٢» وهو يقول:
(قاتل الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) ويردّد (الصلاة وما ملكت أيمانكم) حتى جعل يغرغر بها صدره وما يكاد يفيض بها لسانه «٣» .
انقضّ نبأ وفاة الرسول ﷺ على أصحابه المتجمهرين في الخارج انقضاض الصاعقة، وراح عمر بن الخطاب يقول: «إن رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله قد توفي، وإن رسول الله ﷺ ما مات، ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران، فقد غاب عن قومه أربعين ليلة، ثم رجع إليهم بعد أن قيل:
قد مات. والله ليرجعنّ رسول الله ﷺ كما رجع موسى، فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم زعموا أن رسول الله ﷺ مات» «٤» .
(١) ابن هشام ص ٣٨٩- ٣٩٠، ٣٩١ الطبري ٣/ ١٨٧، ١٩٨- ١٩٩ ابن سعد ٢/ ٢/ ١٧- ١٩ البلاذري: أنساب ١/ ٥٥٧- ٥٥٨، ٥٦١.
(٢) ابن هشام ص ٣٩١- ٣٩٢ الطبري ٣/ ١٩٩ ابن سعد ٢/ ٢/ ٢٧- ٢٨، ٣٠ البلاذري: أنساب ١/ ٥٤٩ البخاري: تجريد ٢/ ١٠٥- ١٠٦.
(٣) ابن ماجه ٢/ ١٥٥، أحمد ٣/ ١١٧ وانظر الحديث الذي أخرجه أحمد (١/ ٣٤٦): «اللهم لا تجعل قبري بعدي وثنا يعبد» . وانظر: ابن هشام ص ٤٠٤ ابن سعد ٢/ ٢/ ٤٧ البلاذري أنساب ١/ ٥٥١.
(٤) ابن هشام ص ٣٩٢ الطبري ٣/ ٢٠٠ ابن سعد ٢/ ٢/ ٥٣- ٥٤، ٥٥- ٥٦، ٥٧ البلاذري أنساب ١/ ٥٦٥- ٥٦٧.
1 / 327