دراسة في السيرة
دراسة في السيرة
Penerbit
دار النفائس
Nombor Edisi
الثانية
Tahun Penerbitan
١٤٢٥ هـ
Lokasi Penerbit
بيروت
Genre-genre
إلى الله أشكو غربتي ثم كربتي ... وما أرصد الأحزاب لي عند مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو ممزع
وقد خيّروني الكفر والموت دونه ... وقد هملت عيناي من غير مجزع
فو الله ما أرجو إذا مت مسلما ... على أي جنب كان في الله مصرعي «١»
وفي صفر في نفس العام، قدم أبو براء عامر بن مالك، الملقب بملاعب الأسنة، على رسول الله في المدينة، فعرض عليه الرسول الإسلام، ودعاه إليه، فلم يسلم، ولم يبعد من الإسلام، وقال: يا محمد لو بعثت رجالا من أصحابك، إلى أهل نجد فدعوهم إلى أمرك، رجوت أن يستجيبوا لك. وعندما أعلمه الرسول ﷺ، إنه يخشى عليهم أهل نجد، بعد أن أصيب أصحابه في ماء الرجيع، قال: أنا جار لهم فابعثهم فليدعوا الناس إلى أمرك «٢» . وكان الرسول ﷺ يعرف يقينا أن انتصار دعوته وانتشارها لا يتحقق بغير تضحيات، وأن الانسياق وراء الحيطة والحذر في ميدان التضحية والفداء لا يقود إلى النصر، وأن عليه أن يختار في هذه اللحظات القلقة، الطريق الصعب كي لا تقول العرب إن الرسول قد عجز عن الاستمرار في الطريق حتى النهاية، أخافته مقاتل أصحابه، هذا إلى أن الرسول ﷺ، لم يبعث أصحابه هذه المرة لكي ينتحروا، فهم الآن أكثر عددا، وفي جوار رجل وضعهم في جواره، ولم يعرف عن العرب، حتى تلك اللحظة، إنهم خرقوا قدسية الجوار، ولا علم للرسول ﷺ بالغيب، فلينطلق أصحابه على بركة الله.
سار الدعاة الأربعون بقيادة المنذر بن عمرو، حتى نزلوا بئر معونة قريبا من ديار بني عامر، وتقدم حرام بن ملحان، بكتاب رسول الله ﷺ إلى زعيم القوم، عامر بن الطفيل، لكن عامرا ما أن نظر في الكتاب حتى عدا على حرام فضربه برمح في جنبه خرج من الشق الآخر، وهو ينادي: فزت ورب الكعبة! ثم
(١) ابن هشام ص ١٩٧- ١٩٩ الطبري: تاريخ ٢/ ٥٤١ الواقدي ١/ ٣٥٧- ٣٦١ المسعودي: التنبيه ص ٢١٢- ٢١٣ خليفة بن خياط ١/ ٣٦- ٣٧. (٢) ابن هشام ص ٢٠٠ الطبري ٢/ ٥٤٥- ٥٤٦ ابن سعد ٢/ ١/ ٣٦. ويذكر الواقدي ١/ ٣٤٩ بأن نبأ مأساة الرجيع وصل المدينة في نفس اليوم الذي وصل فيه نبأ الكارثة الآخرى في بئر معونة، إلا أن تريث الرسول ﷺ في الاستجابة لطلب أبي براء يوحي بأن الرجيع سبقت حادثة بئر معونة رغم عدم إمكان الجزم بذلك. وانظر خليفة بن خياط: تاريخ ١/ ٣٦- ٣٩.
1 / 172