66

Darsat Fi Al-Baqiyat Al-Salihat

دراسات في الباقيات الصالحات

Penerbit

الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

Edisi

السنة ٣٣-العدد ١١٣

Tahun Penerbitan

١٤٢١هـ/٢٠٠٠م

Genre-genre

لله الذي عافاني ممّا ابتلاك به وفضّلني على كثير ممّن خلق تفضيلًا لم يصبه ذلك البلاءُ" ١.
كما ينبغي للمسلم أن يكون حامدًا لله في سرّائه وضرّائه، وفي شدّته ورخائه، وفي سائر شؤونه، وروى ابن ماجه في سننه، والحاكم في مستدركه عن أمّ المؤمنين عائشة ﵂ زوج النبي ﷺ قالت: "كان رسول الله ﷺ إذا رأى ما يحبّه قال: "الحمد لله الذي بنعمته تتمُّ الصالحات"، وإذا رأى ما يكره قال: "الحمد لله على كلِّ حال" ٢.

١ سنن الترمذي (رقم:٣٤٣٢)، وحسّنه الألباني في صحيح الجامع (رقم:٦٢٤٨) .
٢ سنن ابن ماجه (رقم:٣٨٠٣)، والمستدرك (١/٤٩٩)، وصححه العلاّمة الألباني في صحيح الجامع (رقم:٤٧٢٧) .
المطلب الثالث: في بيان موجبات الحمد، وأنواعه
لا ريب أنَّ الحمدَ كلَّه لله ربِّ العالمين، فإنّه سبحانه المحمود على كلِّ شيء، وهو المحمود على ما خلقه وأمر به ونهى عنه، والحمدُ أوسعُ الصفات وأعمُّ المدائح وأعظم الثناء، والطرقُ إلى العلم به في غاية الكثرة؛ لأنَّ جميعَ أسمائه ﵎ حمدٌ، وصفاته حمدٌ، وأفعاله حمدٌ، وأحكامه حمدٌ، وعدله حمدٌ، وانتقامه من أعدائه حمدٌ، وفضله وإحسانه إلى أوليائه حمدٌ، والخلق والأمر إنّما قام بحمده ووُجد بحمده وظهر بحمده، وكان الغاية منه هي حمده، فحمدُه سبحانه سبب ذلك وغايته ومظهره وحامله، فحمده روح كلِّ شيء، وقيامُ كلّ شيء بحمده، وسريان حمده في الموجودات وظهور آثاره أمرٌ مشهودٌ بالأبصار والبصائر.
وقد نبّه سبحانه على شمول حمده لخلقه وأمره بأنْ حَمِدَ نفسَه في أول الخلق وآخره، وعند الأمر والشرع، وحمد نفسه على ربوبيته للعالمين، وحمد نفسه على

1 / 74