Pukulan Alexandria pada 11 Julai
ضرب الإسكندرية في ١١ يوليو
Genre-genre
وقد يسر «شريف باشا» المهمة على الوفد العثماني بإعلان طاعة الجيش، وصدع قادة الجيش بالأوامر التي صدرت إليهم فبرحوا العاصمة إلى الأقاليم التي نقلوا إليها، وزالت هذه الحجة من حجج التدخل والتهديد.
وكما ظهرت قيمة «الحقوق الشرعية» عند الإنجليز في حادث الوفد العثماني، ظهرت كذلك في موقفهم من مجلس النواب المصري بعد انتخابه، فلم يكن حق الدستور هو الذي أوحى إليهم تقييد سلطان الخديو بمجلس وزرائه، وإنما قيدوه بهذا المجلس لتنطلق فيه يد وزير المالية الإنجليزي ويصبح من حقه أن يرفض كل قانون لا يرتضيه، ولهذا غضبوا من مجلس النواب الجديد؛ لأنه يحرص على حقه في الرقابة على الميزانية، فأبرق مستر ماليت إلى حكومته يقول: إن التدخل العسكري ضرورة لا محيص عنها إذا أصر مجلس النواب على رأيه. وقد كانت هذه هي الخطة المرسومة قبل ترميم القلاع المزعوم وقبل المذبحة المدبرة في الإسكندرية بنحو ستة شهور - 2 يناير سنة 1882.
وفي الثامن من شهر يناير - أي بعد ستة أيام من إرسال تلك البرقية - تلقت مصر مذكرة مشتركة بين الدولتين، قالتا فيها: «والحكومتان تفهمان أن الخديو سيستمد من هذا التصريح ما يلزمه من الثقة والقوة لإدارة شئون البلاد.»
وردت هذه المذكرة قبل أن يفرغ «شريف باشا » من بحثه مع مجلس النواب في اختيار الخطة التي توفق بين جميع المطالب. وقبل الخديو المذكرة والمجلس يتشاور مع الوزارة في موضوع الخلاف وكله دائر على نظر الميزانية، فقنع المجلس بمناقشة أبواب الميزانية ما عدا الأبواب التي ترتبط بالالتزامات الدولية، وقنع بعد ذلك بتأليف لجنة من النواب يشترك معهم عدد مثلهم من الوزراء، ويؤخذ بالقرار الذي يرجحه صوت الرئيس، فرفضت الدولتان كل هذه المقترحات، وبرز الوزير الفرنسي «جمبتا» في هذه المسألة؛ لأنه كان من ألد أعداء الأسرة المالكة في فرنسا، وكان يتهم مصر بممالأة تلك الأسرة ومساعدتها في الخفاء على استرداد عرش فرنسا، ولم يسلك مثل هذا المسلك مع اليونان وإسبانيا وهما غارقتان في الديون، والأمل في وفائهما أضعف جدا من الأمل في وفاء الحكومة المصرية!
استقال «شريف باشا» وخلفه «محمود سامي البارودي باشا» - 5 فبراير سنة 1882 - واختار «أحمد عرابي باشا» وزيرا للحربية. وأهم ما حدث بعد ذلك في عهد هذه الوزارة حادث القبض على الضباط الشراكسة بتهمة التآمر على اغتيال رئيس الوزارة ووزير الحربية ومعاونيه من كبار الضباط المصريين. وقد حوكموا في مجلس عسكري برئاسة الفريق «راشد حسني باشا» وصدر الحكم بتجريدهم من رتبهم ونفيهم إلى السودان، فرفع «عرابي» الحكم إلى الخديو وسأل سموه تخفيف الحكم إذا شاء، فآثر الخديو أن يحيل هذه المسألة أيضا إلى الباب العالي، ولكنه لم ينتظر جواب الباب العالي وأمر بتخفيف الحكم والاكتفاء بالإقصاء من الديار المصرية. ووقع هذا التخفيف على غير ما ينتظر الوزراء الذين كانوا مهددين بالاغتيال، فاحتكموا إلى مجلس النواب واجتمع المجلس بصفة غير رسمية في بيت رئيسه «سلطان باشا»، ومشى كبار أعضائه بالصلح بين الأمير ووزرائه، ورأى الأمير إخراج رئيس الوزارة وإبقاء الوزراء الآخرين. وإذا بالأسطولين يظهران مرة أخرى في ميناء الإسكندرية، ولما تنته المشاورات في اختيار الرئيس الجديد، فرأى «محمود سامي باشا» و«عرابي باشا» طي مسألة الضباط الشراكسة ... ولكن وصول الأسطولين، أعقبه «في الخامس والعشرين من شهر مايو» تقديم إنذار بإقالة الوزارة ونفي عرابي، فقبل الخديو المذكرة واستقالة الوزارة في اليوم التالي. وفزع النواب لما رأوه من بوادر الخطر ولمسوه من هياج الأفكار، فالتمس «سلطان باشا» رئيس المجلس ومعه النواب وطائفة من الأعيان أن يعاد «عرابي» إلى وزارة الحربية لحسم الشر واتقاء الهياج، فرفض الخديو. وجدد النواب الرجاء وفاتح الأجانب عرابيا في كفالة الأرواح والأموال وأضافوا رجاءهم إلى رجاء أعيان البلاد، فتكفل عرابي بحفظ الأمن وأمر الخديو بإعادته إلى وزارة الحربية وأبرق إلى الباب العالي يلتمس فيه إيفاد مندوبين للتحقيق وعرض الأمر على السلطان.
في السابع من شهر يونيو وصل المندوب العثماني «رءوف باشا» وفي صحبته السيد «أحمد أسعد» وكيل السلطان في الفراشة النبوية: هذا لاستطلاع طلع العرابيين، وذلك لاستطلاع طلع الخديو، فتركا كلا من الفريقين يفهم أن السلطان معه، وأنه يوصيه بمسالمة الفريق الآخر من باب التقية ودفع الشرور. ولكن الشرور كانت تعدو عدوا إلى غايتهما المرسومة من قديم الزمن، وكانت هناك حاجة إلى علة عاجلة فوجدت العلة العاجلة في حينها، وحدثت مذبحة اليوم الحادي عشر في الإسكندرية، وليس أدل على تدبيرها من وقوعها في الوقت المطلوب. وقد سبق في تاريخ تلك الفترة أن خلت مصر من الوزارة وأن اختلف الأمير والوزارة وأن اختلف الضباط والساسة، فلم تحدث مذبحة ولا معركة في بقعة من بقاع القطر، كما حدثت تلك المذبحة التي جاءت في أوانها المطلوب!
تتلخص قصة المذبحة في مشاجرة بين مكار ورجل مالطي من أتباع الحكومة البريطانية، ركب معه ثم أعطاه أجره قرشا واحدا بعد ساعات من الطواف في جوانب المدينة في أشد أيام القيظ الذي بلغ أشده صيف تلك السنة. فلما استزاده وألح عليه طعنه المالطي بمدية فقتله، وتجمع السابلة من هنا وهنا بعضهم من الأجانب وبعضهم من المصريين، وأكثر الأجانب مسلحون ولا سلاح في أيدي المصريين. وراح بعض الأجانب يطلق الرصاص من النوافذ ويهجمون على من وجدوه من الوطنيين. وتنادى الوطنيون يطلبون الغوث فقتل من قتل وجرح من جرح في هذه الجلبة. واختلف الرواة في إحصاء القتلى والجرحى، ولكنهم على اختلاف الروايات قد اتفقوا على أن قتلى المصريين وجرحاهم أضعاف من قتلوا وجرحوا من الأجانب على تعدد الأجناس.
يطول الشرح في سرد التهم والدفوع التي تبادلها جميع الأطراف حول هذه المذبحة، ولكن الثابت أن مندوبي الدول - ولا سيما مندوبي إنجلترا وفرنسا واليونان - رفضوا الاستمرار في التحقيق بعد أن طلبه وكيل القنصلية الفرنسية، وأن المالطي الذي قتل المكاري كان له أخ يعمل في القنصلية الإنجليزية، وأن «عمر لطفي باشا» اعترف بإحجامه عن قمع الفتنة إلى المساء، ووقع عليه الاختيار بعد ذلك لوزارة الحربية، وأن المذبحة استخدمت على الأثر للطعن على عرابي والسخرية من كفالته للأمن من قبل ذلك بأيام، وربما كان أهم من هذا كله أن المذبحة استخدمت للطعن في بعوث السلطان والبحث في وسيلة أخرى لتهدئة الحالة «والأسطولان الإنجليزي والفرنسي مرسيان في ميناء الإسكندرية!» فانعقد المؤتمر الدولي في الآستانة في الثالث والعشرين من شهر يونيو، وأحس الباب العالي ما وراءه فلم يعترف به ولم يشترك فيه، وروى صاحب تاريخ «الكافي»، وهو ممن شهد وقائع الثورة واطلع على كثير من أسرارها، أن اللورد دفرين واصل السعي عند الباب العالي للإنعام على عرابي بلقب أو وسام فأنعم عليه بالنوط المجيدي الثاني، فقامت قيامة الصحف الإنجليزية بعد ذلك تتهم السلطان بتحريض العرابيين وتوقع بين الآستانة والقاهرة وتشكك في الفائدة التي ترجى من تسيير الجيش العثماني إلى مصر لقمع الثورة العرابية، وهو المقصود!
وقد تحقق أسوأ الظنون قبل أسبوع واحد، فراح الأسطول الإنجليزي يعمل عمله والمؤتمر منعقد، وتلقى الأسطول من لندن في الثالث من شهر يوليو أمرا بإنذار الحكومة المصرية أن تكف عن تحصين القلاع وإلا أطلق مدافعه عليها، وكأنما كان أمير الأسطول محتاجا إلى حافز «خاص» - مع بواعث الاستعمار - لاستعمال الضربة المدبرة! فإنه خشي أن يتأخر ضرب المدينة إلى حين حضور أسطول «المانش» إلى البحر الأبيض، وأميره دويل
Dowel
Halaman tidak diketahui