Pukulan Alexandria pada 11 Julai
ضرب الإسكندرية في ١١ يوليو
Genre-genre
الخديو إسماعيل باشا. •••
وأصبح هم «توفيق باشا الأكبر» بعد ارتقائه العرش في تلك الظروف أن يتقي غضب الدولتين ما استطاع، فأعاد منصب الوزيرين الأجنبيين باسم مفتشين وبمرتب أكبر من مرتب رئيس الوزارة، وقبل أن يحال عليهما عمل المراجعة، وأن يكون لهما الإشراف التام على خزانة الدولة. وألجأ رئيس الوزارة «شريف باشا» إلى الاستقالة؛ لأنه كان يصر على تجديد الحياة النيابية، فأشارت عليه إنجلترا باختيار «رياض باشا» للوزارة، وهو سياسي حازم كان يوافق الخديو في أمور ويخالفه في أمور، فقد كان معروفا بميله إلى الصرامة في معاملة الحزب العسكري والمتطرفين. ولكنه كان من الجانب الآخر معروفا بميله إلى الحد من سلطة الخديو ولا سيما حق الإنعام بالرتب والأوسمة، فكان الخديو يؤيده حينا ويخذله حينا ويتصل من ورائه بالمتطرفين مع أنه لا ينوي أن يجيبهم إلى ما يطلبون. واتسعت أبواب التدخل أمام إنجلترا، ما بين خلاف الأمير ووزيره وخلاف الأمير والوزير معا وقادة الجيش وطلاب الدستور. وكان «رياض باشا» يطلب إقالة بعض وزرائه - ومنهم «محمود سامي باشا» - لأنه اتهمهم بإفشاء أسرار الوزارة لقنصل فرنسا وزعماء العسكريين، فلا يصغى إليه. وقد كانت الأحوال كلها تسوء وتغضب ولا ترضي أحدا من المتطرفين ولا من المعتدلين، واشتدت أزمة العيش وأطبقت على النفوس عوامل السخط والثورة، وتفاقم الخطب بإثارة الضغائن والعصبيات بين الجراكسة والمصريين، فتألفت لجنة من عشرين عضوا للتحقيق والبحث في أسباب التذمر والإشارة بوجوه الإصلاح، لم يكن فيها غير مصري واحد هو «أحمد عرابي» والباقون بين إنجليزي وفرنسي وألماني وإيطالي وأمريكي وجركسي وتركي وكردي وألباني ... فكانت مقترحاتهم من قبيل التهدئة التي لا تطول!
ولما تفاقمت عوامل الثورة أخذت إنجلترا تنشر بين الدول فكرة الاستعانة بالدولة العثمانية وإقناعها بإنفاذ حملة إلى مصر تعيد النظام . وكان الغرض من نشر هذه الفكرة حمل الدول عن الامتناع عن «التدخل الفردي» في الشئون المصرية، لكي تنصرف جميعا عن التمهيد لهذا التدخل، وتترك الطريق ممهدا لها دون غيرها في الموعد المقدور!
وظهرت هذه النية ظهورا واضحا حين دعت فرنسا إلى عقد مؤتمر الآستانة، فانعقد في السفارة الإيطالية؛ لأن الدولة العثمانية لم تقبل الدعوة إليه، واقترح السفير الإيطالي الذي وقع الاختيار على سفارته لقدمه أن يصدر المؤتمر قرارا بمنع التدخل الفردي في الثورة المصرية، فسرعان ما اتفق المندوبون على هذا القرار حتى ألغوه فعلا بقبول اقتراح من اللورد «دفرين» مندوب إنجلترا، يقضي بإضافة استثناء واحد يجيز التدخل «الفردي» إذا دعت إليه الظروف القاهرة ... وشاعت الإشاعات عن أسباب هذه الموافقة، فقيل فيما قيل: إن دهاء اللورد «دفرين» لم يكن هو السلاح الوحيد الذي تذرع به السياسي الداهية إلى إلغاء القرار بهذا الاستثناء المريب، وإن «فارس الجنيه الإنجليزي» كان أمضى سلاحا في إقناع بعض المعارضين من كل برهان!
وقبل أن ينفض المؤتمر كان الأسطول البريطاني يضرب الإسكندرية ويقرر «التدخل الفردي» فعلا معتمدا على ذلك الاستثناء. وتتابعت بعد ذلك مناورات الدس والمناوأة بين فرنسا وإنجلترا حول المسألة المصرية وحول غيرها من المسائل الدولية، ولكن الأمر الذي هو جدير بالتقدير والتذكير أنهما كانتا ترجعان إلى التفاهم حينا بعد حين، كلما سنحت لهما فرصة المساومة وتبادل المنافع على قضية من القضايا السياسية. وحسب المؤرخ أن يسجل من هذه المساومات ثلاثة مواقف في أقل من ثلاثين سنة: «أولها» وساطة بسمارك أثناء انعقاد مؤتمر برلين (1878) بين الدولتين للاتفاق بينهما على إطلاق يد فرنسا في تونس تعويضا لها عن احتلال إنجلترا لجزيرة قبرس، وأن تعمل الدولتان يدا واحدة في مسألة الديون المصرية، وأن تعترف إنجلترا لفرنسا بما تدعيه من حق حماية المسيحيين التابعين للكنيسة اللاتينية في سورية.
و«ثانيها» الاتفاق المعروف باتفاق سلسبوري وكمبون في سنة 1899 عقب حادثة فاشودة على تقسيم القارة الأفريقية في السودان إلى شواطئ المحيط الأطلسي ...
و«ثالثها» اتفاق سنة 1904 على إطلاق يد فرنسا في المغرب وإطلاق يد إنجلترا في مصر والسودان ...
وفي هذه المواقف وما إليها تنبيه كاف لمن ينخدعون بالخلاف بين دول الاستعمار ويعتمدون على وعودها في هذه الحال، وأبلغ ما في هذه العبرة أن بعضنا قد توجه إلى برلين بعد خيبة الأمل في باريس، وقد كان أول اتفاق بين الدولتين - بعد طول خلاف - معقودا في مكاتب برلين.
الديون
قلنا في غير هذا الفصل: إن الديون لم تكن وسيلة للإشراف الأجنبي على حكومة من الحكومات غير الحكومة المصرية، وعلة ذلك راجعة إلى الامتيازات الأجنبية التي أباحت للدول في بلاد الدولة العثمانية ما لا يباح في بلاد غيرها. وقد كانت مصر استثناء ملحوظا بين البلاد التي ابتليت بنكبة الامتيازات، فإن تركيا نفسها قصرت في سداد الأقساط قبل مصر فلم تنكب بما نكبت به مصر من ضروب الإشراف مرة باسم الوزارة الأوروبية، ومرة باسم صندوق الدين أو لجنة التصفية، ومرات كثيرة بما شاءت الدول وشاء القناصل من الدعاوي والمعاذير، وعلة هذا الاستثناء راجعة إلى الطمع في احتلال مصر وبسط الحماية عليها فعلا أو رسما، دون أن يقابل ذلك اتفاق على صد الغارة عنها؛ كاتفاق الدول على صد الغارة على مجازي البسفور والدردنيل وما يليهما من التخوم العثمانية.
Halaman tidak diketahui