Enam Tahap dan Rahsia Rangkaian: Sains bagi Zaman yang Bersambung
الدرجات الست وأسرار الشبكات: علم لعصر متشابك
Genre-genre
أناتول رابوبورت عالم رياضيات، لكن ليس بالمعنى التقليدي؛ فعلى مدار مسيرته المهنية المتميزة التي امتدت لأكثر من نصف قرن، قدم إسهامات عظيمة في علم النفس ونظرية الألعاب وتطور التعاون، بالإضافة إلى علم الأوبئة ودراسة الشبكات الاجتماعية. كان رابوبورت يدرس في الخمسينيات من القرن العشرين انتشار الأمراض في التجمعات البشرية باعتباره عضوا في مجموعة بحثية بجامعة شيكاغو عرفت باسم «لجنة الفيزياء الحيوية الرياضية». وفي الوقت الذي كان معظم علماء الأوبئة يركزون على نماذج الأمراض التي تجاهلت الجوانب الاجتماعية للتفاعلات البشرية، أدركت مجموعة شيكاغو البحثية أنه في حالة بعض الأمراض تمثل الشبكة الفعلية عاملا محوريا، وفي أغلب الظروف، يمكن تحديد مدى خطورة انتشار مرض ما من خلال توضيح من يتفاعل مع من.
سنعود لهذا الموضوع في فصول لاحقة نظرا لارتباطه ليس فقط بانتشار الأمراض، بل أيضا بانتشار المعلومات كالشائعات وفيروسات الكمبيوتر. ما يجب ذكره الآن بشأن عمل رابوبورت المبكر أنه مع تناوله مشكلة بنية الشبكات من منظور عالم الرياضيات، فقد تأثر تأثرا شديدا بالأفكار المستمدة من علم الاجتماع وعلم النفس والأحياء، وربما يرجع السبب في ذلك إلى أنه كان كبير السن نسبيا - في الثلاثينيات من عمره - حين بدأ دراساته العليا، وذلك نظرا لخدمته السابقة في الجيش ومشاركته في الحرب العالمية الثانية، ومن ثم عندما عزم على أن يصبح عالم رياضيات، كان قد شهد بالفعل الكثير من تقلبات الحياة، وربما قرر تضمينها في عمله.
فيما يتعلق بانتشار مرض ما في شبكة اجتماعية محددة، أراد رابوبورت معرفة مدى السوء الذي يمكن أن يبلغه الموقف. بعبارة أخرى، تخيل أن المرض شديد العدوى لدرجة أن كل من يتصل بشخص مريض تنتقل إليه العدوى فعليا. كم سيبلغ عدد المصابين في النهاية؟ حسنا، يعتمد ذلك جوهريا على مدى قوة ارتباط المجموعة البشرية. فإذا كنا نتحدث عن إحدى المناطق الريفية في وسط أفريقيا على أطراف غابة مطيرة، حيث يعيش الناس في قرى صغيرة منعزلة نسبيا، فقد نتصور أن انتشار المرض في قرية واحدة، مع تأثيره المدمر على هذه القرية، سيظل متمركزا في مكان واحد، لكن إذا كنا نتحدث عن قارة أمريكا الشمالية التي تحتوي على تجمعات سكانية ضخمة كثيفة ترتبط معا بشبكة متعددة المستويات من وسائل المواصلات الجوية والبرية والسكك الحديدية، فمن الجلي أن أي شيء خبيث بهذه الدرجة يبدأ في أي مكان سيتفشى تفشيا بالغا. ويتساءل رابوبورت: هل هناك مستوى حرج من الاتصالية بين هذين الحدين يتحول عنده البشر من مجموعة من التجمعات المنعزلة الصغيرة إلى كتلة واحدة متصلة؟ ينبغي أن يبدو هذا السؤال مألوفا؛ فهو السؤال نفسه الذي طرحه إيردوس وريني عن شبكات الاتصالات وأدى إلى نشأة نظرية الرسوم البيانية العشوائية.
وبالفعل، بدأ رابوبورت ومعاونوه عملهم من خلال فحص الشبكات المتصلة عشوائيا للأسباب نفسها تقريبا التي استند إليها عالما الرياضيات المجريان، ومع استخدامهم لأساليب أقل دقة، فقد توصلوا إلى نتائج مشابهة إلى حد ما (قبل إيردوس وريني بعشر سنوات تقريبا!) لكن نظرا لنزعة رابوبورت التطبيقية، فقد أدرك سريعا الحقيقة الكامنة وراء الجمال التحليلي لنموذج الرسم البياني العشوائي، وحاول معالجة ما رآه عيوبا فيه. لكن ماذا هناك غير الشبكات العشوائية؟ في الجملة الافتتاحية لرواية «آنا كارنينا»، كتب تولستوي متفجعا: «الأسر السعيدة كلها متشابهة؛ أما الأسر التعيسة، فلكل منها قصتها.» من هذا المنطلق نفسه، فإن الرسوم البيانية العشوائية جميعها متشابهة في جوهرها، لكن غير العشوائية أصعب بكثير في تحديدها. على سبيل المثال، هل أثارت اهتمامك من قبل فكرة أن بعض الصداقات غير متكافئة، بل غير متبادلة أيضا؟ هل يجب اعتبار بعض العلاقات أهم من غيرها؟ كيف يمكن تفسير تفضيل الناس الواضح للارتباط بمن يشبهونهم؟ هل يمتلك معظم الناس العدد نفسه تقريبا من الأصدقاء؟ أم هل يمتلك بعضهم عددا من الأصدقاء أكبر من المتوسط؟ وكيف يمكن تفسير ظهور مجموعات تكون روابط الصداقة داخلها كثيفة، في حين أن العلاقات بين المجموعات نفسها قليلة نسبيا؟
أجرت مجموعة رابوبورت عدة محاولات جادة لمعالجة هذه القضية، مع التوسع في دراسة الرسوم البيانية العشوائية لتشمل خصائص بشرية مثل «الانجذاب إلى المثيل»، وهو ما يعبر عنه القول المأثور: «الطيور على أشكالها تقع»، الذي لا يصف مجموعات الأخوية في الجامعات فحسب، بل أيضا هياكل الموظفين في الشركات، وقواعد الزبائن في المحلات والمطاعم، والطبيعة العرقية للأحياء السكنية. تساعد خاصية «الانجذاب إلى المثيل» في تفسير سبب معرفتك لمعارفك - نظرا لاشتراككم جميعا في أمر ما - لكن يمكن أن يتساءل المرء أيضا كيف يمكن للأشخاص الذين يعرفهم الآن أن يحددوا من سيعرفهم في المستقبل، فكر رابوبورت في ذلك أيضا، وقدم مفهوم «الإقفال الثلاثي». في الشبكات الاجتماعية، تكون وحدة التحليل الأساسية هي «الزوج»؛ أي العلاقة بين شخصين. لكن أكثر مستويات التحليل التالية بساطة، والأساس لكل بنية المجموعات، هو مثلث، أو ثالوث، يظهر كلما كان للفرد صديقان بينهما علاقة صداقة أيضا. لم يكن رابوبورت أول من فكر في الثالوث كوحدة أساسية لبنية المجموعة؛ فقد قدم عالم الاجتماع الألماني جيورج سيميل الفكرة منذ ما يزيد عن نصف قرن، لكن الجديد في عمل رابوبورت هو تضمين الديناميكيات. من المرجح أن يتعرف غريبان، لديهما صديق مشترك، أحدهما على الآخر بمرور الوقت؛ بمعنى أن الشبكات الاجتماعية (على عكس الشبكات العشوائية) تتطور على نحو تميل فيه البنى الثلاثية إلى الانغلاق على نفسها.
نظر رابوبورت بوجه عام إلى الخصائص التي كان يعرفها كنزعات؛ لأن كلا منها أبعد نماذجه خطوة عن افتراض العشوائية الخالصة دون إغفالها تماما. إن العشوائية سمة قوية وراقية تمثل في كثير من الأحيان بديلا مناسبا تماما للأمور المعقدة والفوضوية وغير المتوقعة التي تحدث في الحياة الواقعية، لكنها تفشل على نحو جلي في إيضاح بعض المبادئ التنظيمية الأكثر قوة التي تتحكم أيضا في القرارات التي يتخذها الناس. لذا، فكر رابوبورت لماذا لا تكون هناك موازنة بين هاتين القوتين في نموذج ما؟ عليك أن تقرر أي المبادئ التنظيمية هي الأهم من وجهة نظرك، ثم تخيل بناء شبكات تستجيب لهذه الخصائص، لكنها دون ذلك تكون عشوائية. وقد أطلق رابوبورت على الفئة الجديدة التي وضعها من النماذج اسم «الشبكات المائلة للعشوائية».
تتمثل قوة هذا المنهج في أنه من خلال تعامله مع الشبكات باعتبارها نظما متطورة ديناميكيا، تجنب العيب الرئيسي في التحليل القياسي الثابت للشبكات، لكن للأسف، أثناء فعل ذلك، واجه هذا المنهج عقبتين لم يمكن تخطيهما؛ إحداهما نظرية والأخرى تجريبية. تتمثل العقبة الأولى في البيانات، ففي عصرنا الحالي ، وفي أعقاب ثورة الإنترنت، اعتدنا رؤية بيانات عن الشبكات الضخمة وصور لها، ويشمل ذلك شبكة الإنترنت ذاتها. بل الأكثر أهمية أن التكنولوجيا القادرة على تسجيل التفاعلات الاجتماعية إلكترونيا، بدءا من المكالمات الهاتفية وصولا إلى الرسائل الفورية وغرف الدردشة على الإنترنت، زادت من حجم بيانات الشبكة أضعافا مضاعفة في السنوات القليلة الماضية وحدها.
لكن لم يكن هذا هو الحال دائما في جمع البيانات، فحتى وقت قريب كمنتصف التسعينيات، وبالتأكيد في الخمسينيات، كانت الوسيلة الوحيدة للحصول على بيانات الشبكات الاجتماعية هي الخروج إلى الشارع وجمعها يدويا؛ يعني ذلك توزيع نماذج استقصاء يطلب فيها من الخاضعين للدراسة تذكر معارفهم، وذكر طبيعة علاقتهم بهم. ليس هذا بالمنهج الذي يعول عليه تعويلا كاملا في الحصول على بيانات عالية الجودة، ولا يرجع ذلك فحسب إلى أن الناس يواجهون صعوبة في تذكر معارفهم دون حثهم على ذلك على نحو مناسب، لكن أيضا لأن وجهة نظر أي اثنين يعرف أحدهما الآخر تجاه علاقتهما يمكن أن تختلف تماما من أحدهما للآخر، ومن ثم يمكن أن يكون من الصعب التعبير عن الأمر بالفعل. يتطلب هذا المنهج أيضا الكثير من الجهد من جانب الخاضعين للدراسة، والباحث بوجه خاص. هناك أسلوب أفضل بكثير، ألا وهو تسجيل ما يفعله هؤلاء الناس بالفعل، ومع من يتفاعلون، وكيفية تفاعلهم معهم. لكن في غياب وسيلة جمع إلكترونية للبيانات، يعد هذا الأسلوب أصعب في تنفيذه عمليا من الاستقصاء، ومن ثم فإن بيانات الشبكات الاجتماعية، أينما وجدت، تتناول مجموعات صغيرة من الناس، وغالبا ما تكون قاصرة على عدد معين من الأسئلة التي يفكر الباحث في طرحها مسبقا، ومن ثم، لم يكن لدى رابوبورت هدف لنماذجه، وإذا لم يكن المرء يعلم كيف يبدو العالم، فمن الصعوبة بمكان معرفة هل نجح في الوصول إلى أي شيء ذي مغزى بشأنه.
لكن رابوبورت واجه أيضا مشكلة أكثر صعوبة من ذلك، فمع فهمه للمشكلة التي كان «يحاول» حلها، فإنه لم يستطع الهروب من حقيقة أنه في خمسينيات القرن العشرين لم يكن لديه بالفعل سوى قلم رصاص وورقة لأداء عمله، وحتى في عصرنا الحالي أيضا، مع وجود أجهزة الكمبيوتر فائقة السرعة، يعد تحليل الشبكات المائلة للعشوائية مسألة صعبة، أما حينذاك، فكان الأمر مستحيلا فعليا. تتمثل الصعوبة الأساسية هنا في أنه عند دحض افتراض إيردوس وريني الذي ينص على أن كل اتصال بالشبكة ينشأ مستقلا عن أي اتصال آخر، يصبح من غير الواضح ما الذي يعتمد على ماذا. على سبيل المثال، من المفترض أن يؤثر الإقفال الثلاثي على الشبكة على نحو خاص للغاية، عن طريق جعل الدورات الثلاثية (الثلاثيات) أكثر ترجيحا. يعني ذلك أنه إذا كان (أ) يعرف (ب)، و(ب) يعرف (ج)، فمن المرجح أن (ج) يعرف (أ) أكثر من أي شخص آخر يختار عشوائيا.
لكن ما إن نبدأ في استكمال الثلاثيات حتى نفاجأ بشيء آخر لم نتوقعه، ألا وهو ظهور دورات بأطوال أخرى أيضا. يوضح الشكل
Halaman tidak diketahui