Minit-menit Tafsir

Ibn Taimiyah d. 728 AH
88

Minit-menit Tafsir

دقائق التفسير

Penyiasat

د. محمد السيد الجليند

Penerbit

مؤسسة علوم القرآن

Nombor Edisi

الثانية

Tahun Penerbitan

١٤٠٤

Lokasi Penerbit

دمشق

مَا أنزل الله وَالْحكم إِنَّمَا يكون فِي الْأَمر وَالنَّهْي وَالْعلم بِبَعْض مَعَاني الْكتب لَا يُنَافِي عدم الْعلم بِبَعْضِهَا وَهَذَا مُتَّفق عَلَيْهِ فِي الْمعَانِي فَإِن الْمُسلمين وَالْيَهُود وَالنَّصَارَى متفقون على أَن فِي الْكتب الإلهية الْأَمر بِعبَادة الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَنه أرسل إِلَى الْخلق رسلًا من الْبشر وَأَنه أوجب الْعدْل وَحرم الظُّلم وَالْفَوَاحِش والشرك وأمثال ذَلِك من الشَّرَائِع الْكُلية وَأَن فِيهَا الْوَعْد بالثواب والوعيد بالعقاب بل هم متفقون على الْإِيمَان بِالْيَوْمِ الآخر وَقد تنازعوا فِي بعض مَعَانِيهَا وَاخْتلفُوا فِي تَفْسِير ذَلِك كَمَا اخْتلفت الْيَهُود وَالنَّصَارَى فِي الْمَسِيح المبشر بِهِ النبوات هَل هُوَ الْمَسِيح بن مَرْيَم ﵇ أَو مسيح آخر ينْتَظر والمسلمون يعلمُونَ أَن الصَّوَاب فِي هَذَا مَعَ النَّصَارَى لَكِن لَا يوافقنهم على مَا أَحْدَثُوا فِيهِ من الْإِفْك والشرك وَكَذَلِكَ يُقَال إِذا بدل قَلِيل من ألفاظها الخبرية لم يمْنَع ذَلِك أَن يكون أَكثر ألفاظها لم يُبدل لَا سِيمَا إِذا كَانَ فِي نفس الْكتاب مَا يدل على الْمُبدل وَقد يُقَال إِن مَا بدل من أَلْفَاظ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل فَفِي نفس التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل مَا يدل على تبديله فَبِهَذَا يحصل الْجَواب على شُبْهَة عَن يَقُول إِنَّه لم يُبدل شَيْء من ألفاظها فَإِنَّهُم يَقُولُونَ إِذا كَانَ التبديل قد وَقع فِي أَلْفَاظ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل قبل مبعث مُحَمَّد ﷺ لم يعلم الْحق من الْبَاطِل فَسقط الِاحْتِجَاج بهما وَوُجُوب الْعَمَل بهما على أهل الْكتاب فَلَا يذمون حِينَئِذٍ على ترك اتباعهما وَالْقُرْآن قد ذمهم على ترك الحكم بِمَا فِيهَا وَاسْتشْهدَ بهما فِي مَوَاضِع وَجَوَاب ذَلِك أَن ماوقع من التبديل قَلِيل وَالْأَكْثَر لم يُبدل وَالَّذِي لم يُبدل فِيهِ أَلْفَاظ صَرِيحَة بَيِّنَة بِالْمَقْصُودِ تبين غلط مَا خالفها وَلها شَوَاهِد ونظائر مُتعَدِّدَة يصدق بَعْضهَا بَعْضًا بِخِلَاف الْمُبدل فَإِنَّهُ أَلْفَاظ قَليلَة وَسَائِر نُصُوص الْكتب يناقضها وَصَارَ هَذَا بِمَنْزِلَة كتب الحَدِيث المنقولة عَن النَّبِي ﷺ فَإِنَّهُ إِذا وَقع فِي سنَن أبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ أَو غَيرهمَا أَحَادِيث قَليلَة ضَعِيفَة كَانَ فِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الثَّابِتَة عَن النَّبِي ﷺ مَا يبين ضعف تِلْكَ بل وَكَذَلِكَ صَحِيح مُسلم فِيهِ أَلْفَاظ قَليلَة غلط وَفِي نفس الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة مَعَ الْقُرْآن مَا يبين غلطها مثل مَا رُوِيَ أَن الله خلق التربة يَوْم السبت وَجعل خلق الْمَخْلُوقَات فِي الْأَيَّام السَّبْعَة فَإِن هَذَا الحَدِيث قد بَين أَئِمَّة الحَدِيث كيحيى بن معِين وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي وَالْبُخَارِيّ وَغَيرهم أَنه غلط وَأَنه لَيْسَ فِي كَلَام النَّبِي ﷺ بل صرح البُخَارِيّ فِي تَارِيخه الْكَبِير أَنه من كَلَام كَعْب الْأَحْبَار كَمَا قد بسط فِي مَوْضِعه وَالْقُرْآن يدل على غلط هَذَا وَبَين أَن الْخلق فِي سِتَّة أَيَّام وَثَبت فِي الصَّحِيح أَن آخر الْخلق كَانَ يَوْم الْجُمُعَة فَيكون أول الْخلق يَوْم الْأَحَد وَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ أَنه ﷺ صلى الْكُسُوف بركوعين أَو ثَلَاثَة فَإِن الثَّابِت الْمُتَوَاتر عَن النَّبِي ﷺ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث عَائِشَة وَابْن عَبَّاس وَعبد الله بن عَمْرو وَغَيرهم أَنه صلى كل رَكْعَة بركوعين وَلِهَذَا لم يخرج البُخَارِيّ إِلَّا ذَلِك وَضعف الشَّامي وَالْبُخَارِيّ وَأحمد فَإِن النَّبِي ﷺ إِنَّمَا

2 / 57