Minit-menit Tafsir
دقائق التفسير
Penyiasat
د. محمد السيد الجليند
Penerbit
مؤسسة علوم القرآن
Nombor Edisi
الثانية
Tahun Penerbitan
١٤٠٤
Lokasi Penerbit
دمشق
الْمَزْبُور أَي الْمَكْتُوب فالقرآن نَفسه لَيْسَ عِنْد بني إِسْرَائِيل وَلَكِن ذكره كَمَا أَن مُحَمَّدًا نَفسه لَيْسَ عِنْدهم وَلَكِن ذكره فثبوت الرَّسُول فِي كتبهمْ كثبوت الْقُرْآن فِي كتبهمْ بِخِلَاف ثُبُوت الْقُرْآن فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ وَفِي الْمَصَاحِف فَإِن نفس الْقُرْآن أثبت فِيهَا فَمن جعل هَذَا مثل هَذَا كَانَ ضلاله بَينا وَهَذَا مَبْسُوط فِي مَوْضِعه
وَالْمَقْصُود هُنَا أَن نفس الموجودات وصفاتها إِذا انْتَقَلت من مَحل إِلَى مَحل حلت فِي ذَلِك الْمحل الثَّانِي وَأما الْعلم بهَا وَالْخَبَر عَنْهَا فَيَأْخذهُ الثَّانِي عَن الأول مَعَ بَقَائِهِ فِي الأول وَإِن كَانَ الَّذِي عِنْد الثَّانِي هُوَ نَظِير ذَلِك وَمثله لَكِن لما كَانَ الْمَقْصُود بالعلمين وَاحِدًا فِي نَفسه صَارَت وحدة الْمَقْصُود توجب وحدة التَّابِع لَهُ وَالدَّلِيل عَلَيْهِ وَلم يكن للنَّاس غَرَض فِي تعدد التَّابِع كَمَا فِي الِاسْم مَعَ الْمُسَمّى فَإِن اسْم الشَّخْص وَإِن ذكره أنَاس متعددون ودعا بِهِ أنَاس متعددون فَالنَّاس يَقُولُونَ إِنَّه اسْم وَاحِد لمسمى وَاحِد فَإِذا قَالَ الْمُؤَذّن أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وَقَالَ ذَلِك هَذَا الْمُؤَذّن وَهَذَا الْمُؤَذّن وَقَالَهُ غير الْمُؤَذّن فَالنَّاس يَقُولُونَ إِن هَذَا الْمَكْتُوب هُوَ اسْم الله وَاسم رَسُوله كَمَا أَن الْمُسَمّى هُوَ الله وَرَسُوله
وَإِذا قَالَ ﴿اقْرَأ باسم رَبك﴾ وَقَالَ ﴿اركبوا فِيهَا بِسم الله﴾ وَقَالَ ﴿سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى﴾ وَقَالَ ﴿بِسم الله﴾ فَفِي الْجَمِيع الْمَذْكُور هُوَ اسْم الله وَإِن تعدد الذّكر والذاكر فَالْخَبَر الْوَاحِد عَن الْمخبر الْوَاحِد من مخبره وَالْأَمر الْوَاحِد بالمأمور بِهِ من الْآمِر الْوَاحِد بِمَنْزِلَة الِاسْم الْوَاحِد لمسماه هَذَا فِي الْمركب نَظِير هَذَا فِي الْمُفْرد وَهَذَا هُوَ وَاحِد بِاعْتِبَار الْحَقِيقَة وَبِاعْتِبَار اتِّحَاد الْمَقْصُود وَإِن تعدد من يذكر ذَلِك الِاسْم وَالْخَبَر وتعددت حركاتهم وأصواتهم وَسَائِر صفاتهم
وَأما قَول الْقَائِل إِن قُلْتُمْ إِن هَذَا نفس كَلَام الله فقد قُلْتُمْ بالحلول وَأَنْتُم تكفرون الحلولية والاتحادية فَهَذَا قِيَاس فَاسد مِثَاله مِثَال رجل ادّعى أَن النَّبِي ﷺ يحل بِذَاتِهِ فِي بدن الَّذِي يقْرَأ حَدِيثه فَأنْكر النَّاس ذَلِك عَلَيْهِ وَقَالُوا إِن النَّبِي ﷺ لَا يحل فِي بدن غَيره فَقَالَ أَنْتُم تَقولُونَ إِن الْمُحدث يقْرَأ كَلَامه وَإِن مَا يقرأه هُوَ كَلَام النَّبِي ﷺ فَإِذا قُلْتُمْ ذَلِك فقد قُلْتُمْ بالحلول وَمَعْلُوم أَن هَذَا فِي غَايَة الْفساد
وَالنَّاس متفقون على إِطْلَاق القَوْل بِأَن كَلَام زيد فِي هَذَا الْكتاب وَهَذَا الَّذِي سمعناه كَلَام زيد وَلَا يستجيز الْعَاقِل إِطْلَاق القَوْل بِأَنَّهُ هُوَ نَفسه فِي هَذَا الْمُتَكَلّم أَو فِي هَذَا الْوَرق وَقد نطقت النُّصُوص بِأَن الْقُرْآن فِي الصُّدُور كَقَوْل النَّبِي ﷺ استذكروا الْقُرْآن فَلَهو أَشد نفلتا من صُدُور الرِّجَال من النعم فِي عقلهَا وَقَوله الْجوف الَّذِي لَيْسَ فِيهِ شَيْء من
2 / 196