فتنهد البارون وقال: إن هذا الخائن الذي هو وصمة عار تصم النبالة والشرف، قد رأى ديانا فراقت بعينيه فاختطفها إلى قصره في بوجي ... أما ديانا فإنها فضلت الموت على العار، فألقت نفسها في المياه حيث ماتت غريقة ... شهيدة الطهارة والنبل.
فاضطرب الجميع لهذا الخبر، وقالت حنة: إن ذاك الإثم قد بلغ منتهى الفظاعة، ومن كان في مقامك من النبل أيها الكونت، فهو لا يقيم ساعة مع هذا البرنس الأثيم.
أما باسي فإنه لم يجب بحرف، بل إنه تقدم من البارون دي ماريدور وقال بسكينة وهدوء: أيسمح لي مولاي البارون بخلوة خاصة؟
فامتثل الشيخ ونهض، فسار بالكونت إلى إحدى الغرف تاركا سانت ليك وامرأته في حيرة من هذا الاختلاء، وهما لا يعلمان المراد منه.
ولما خلا الكونت بالبارون قال له: أنت قد أهنت يا سيدي رئيسي الدوق أمامي، فوجب علي أن أسألك الإيضاح، ولا تحسب أني أريد الانتقاد فيما أقول، بل إن كل قصدي أن أدفعك إلى حكاية أمرك تلطيفا للأحزان وتوصلا إلى الخدمة، فتفضل يا سيدي، واشرح لي عما أشرت إليه من أمر هذه القصة المحزنة. - اسمع لأن حديثي لا يطول وإليك البيان.
ذلك أني أعرف رجلا نبيلا يدعى المسيو دي مونسورو أحب ابنتي حبا شديدا، وخطبها إلي فلم تقبل به ابنتي زوجا، ومع ذاك لقد بقي الوداد بيننا على ما كان، ولم يقطع هذا الرفض العلائق بيننا، بل زاد إخلاصا فوق إخلاصه.
وكان هو من أنبأني بخيانة الدوق، وهو الذي أرشدني إلى طريق خلاصها وقدم نفسه لهذه الخدمة بشرط أن أزوجه إياها؛ لأنه سيركب أشد الأخطار بمقاومته للدوق، ولا حق له بحمايتها إذ لم يكن زوجها، وأنه لا يقتحم مثل هذه الأهوال إلا صيانة للشرف وغيرة على العرض، فرأيت كلامه حقا، وبرهانه سديدا، وغايته نبيلة، فصادقت على ذلك وانطلق لخلاصها، ولكنه وا أسفاه لم يصل إلا بعد انتحارها ... - ألم يكتب لك شيئا منذ ذلك الحين؟ - كلا، وما أظنه إلا ليأسه من حبوط مسعاه.
فأحنى باسي رأسه وقد علم أن مونسورو يود أن يكتم خبر حياة ديانا حتى عن أبيها خوفا من الدوق.
فنظر إليه البارون وقال: هذه هي الحكاية وقد قصصتها عليك، فما تقول؟ - لا أقول شيئا الآن، سوى أني مكلف من قبل الدوق أن أذهب بك إلى باريس؛ لأن سموه يرغب بأن يراك.
فارتعش البارون وقال: أنا أذهب إلى قاتل ابنتي؟ ... وما عسى أن يريد مني هذا الكاسر ؟ - لا أعلم، وربما كان يريد الاعتذار. - كلا، لأن هذا الذنب لا يقبل الغفران، وأنا لا أذهب إلى باريس. - أرجو أيها البارون أن تسمح لي بالإلحاح عليك؛ لأني ما أتيت إلا للذهاب بك.
Halaman tidak diketahui