حتى اندلع لسان الراهب من السكر ثم تراخت عيناه وضاع صوابه، فسقط على الأرض كالميت من تأثير الشراب.
وللحال قام شيكو وقفل باب الغرفة، ثم جرد الراهب من ملابسه ولبسها فوق ثيابه ولفه بحصير وأرقده بزاوية من الغرفة، ودعا صاحب الفندق وأوصاه أن يحتفظ بالراهب، وأخبره بأنه سكران وأنه جرده من ثيابه ولبسها بغية إضحاك الملك.
ولم يسع صاحب الفندق مخالفته في شيء، لما كان لشيكو من الشهرة والنفوذ في البلاط.
ثم انطلق شيكو مسرعا ينظر إلى ملابسه ضاحكا، وهو غير مكترث بما يحيق به من الأخطار، حتى وصل إلى الدير، وكانت قد دنت ساعة الاجتماع.
فقال الكلمة السرية للبواب، ودخل إلى ردحة الدير فوجد فيها كثيرا من أعيان المملكة وكبار رجالها كلهم، وجميعهم بملابس الرهبان، فلم يختلط بهم حذرا من أن يعرفوه.
وبعد أن تكامل عدد الأعضاء قرع جرس الدير ثلاثا، إشارة إلى وجوب عقد الجلسة.
فأسرع الحضور إلى الجلوس في كراسيهم، وجلس الدوق دي كيز في كرسي الرئاسة، وعلى يمينه عرش عظيم لم يكن جالسا عليه أحد، وعلى يساره منبر للخطابة.
ولما انتظم عقدهم وبلغ عددهم حد التمام، قرع الرئيس بجرس أمامه وساد السكوت العميق على الحضور.
ثم أشار بيده إلى أحد الأعضاء، فقام إلى المنبر وانبرى يخطب في القوم خطبة حماسية يظهر فيها فساد الأحكام وشدة استبداد الملك، وأنه يجب خلعه إذ لا يصلح للملك.
فصفق له الجميع استحسانا، ولما نزل عن المنبر صعد إليه سواه، ثم تلاه آخر، إلى أن بلغ عدد الخطباء عشرة، وكلهم قد خاضوا في بحث واحد ...
Halaman tidak diketahui