وأجال نظره في جميع الجهات، فلم ير أمامه أثرا مما كان يراه.
بل رأى على يمينه رجلا كهلا بملابس القرويين.
وعلى يساره راهبا كان يسند رأس الكونت بيديه.
وأمامه امرأة عجوزا كانت تفرك قدميه بخرقة بالية من الصوف.
ثم نظر حواليه فرأى نفسه على بساط من العشب لا تظلله غير السماء، ورأى أمامه مذبحا مرتفعا، فعلم أنه في ردحة الدير، وأنه بات تلك الليلة ملقى على الطريق.
لكنه خيل له أنه حالم، فنظر نظرة انذهال إلى من حواليه، وقال بدهشة شديدة: أين أنا؟ أين ذلك الرجل المعصوب العينين؟ أين تلك الفتاة الفتانة؟ بل أين أولئك الأشباح الذين كانوا يشقون الجدار ويخرجون إلي من السقف؟
فنظر الرجل إلى الراهب وقال: إنه مصاب بحمى شديدة كما يظهر من هذيانه.
ورمق الراهب باسي بنظرة إشفاق، وقال له: يجب أن تعترف يا بني، وذلك خير لك ... أما ما قلته عن الفتاة والأشباح والجدران، فما هو إلا تخيل مثلته لك الحمى، والحقيقة أنك كنت ملقى على الأرض فوق الثلوج التي لا يزال أثرك عليها، وقد حسبناك ميتا عندما وجدناك.
فارتاع الكونت مما سمع، وللحال ذكر أنه أصيب بضربة سيف، فمد يده إلى مكان الجرح فأحس بعصابة تشده.
ولكنه لم يذكر كيف وصل إلى هذا المكان، ومن الذي عصب جرحه.
Halaman tidak diketahui