Airmata dan Senyuman
دمعة وابتسامة
Genre-genre
وقال آخر: «هنا اقبروه هنا حيث جبل التراب بدمائه، واتركوا سيفه بيمينه، واغرسوا رمحه بجانبه، وانحروا حصانه على قبره، ودعوا أسلحته تؤنسه في هذه الوحدة»، وقال آخر: لا تلحدوا سيفا مضرجا بدم الأعداء، ولا تنحروا مهرا يخوض المنايا، ولا تتركوا في الوعر سلاحا تعود هز الأكف وعزم السواعد، بل احملوها إلى ذويه لأنها خير ميراث». وقال آخر: «تعالوا نجثو مصلين حواليه صلاة الناصري، فتغفر له السماء وتبارك انتصارنا»، وقال: «لنرفعه على الأكتاف جاعلين له الرماح والتروس نعشا، فنطوف به في هذا الوادي منشدين أهازيج النصر فيشاهد أشلاء الأعداء، وتبتسم شفاه جراحة قبل أن يخرسها تراب القبر»، وقال آخر: «تعالوا نعليه سرج جواده، ونسنده بجماجم القتلى، ونقلده رمحه، وندخله الأحياء ظافرا فهو لم يستسلم للمنية إلا بعد أن حملها من أرواح الأعداء حملا ثقيلا»، وقال آخر: «تعالوا نودعه لحف هذا الجبل فيكون له صدى الكهوف نديما، وخرير السواقي مؤنسا، فترتاح عظامه في برية يكون فيها وقع أقدام الليالي خفيف الوطأة»، وقال آخر: «لا تغادروه ها هنا ففي البرية وحشة مملة ووحدة قاسية، بل تعالوا ننقله إلى جبانة القرية فيكون له من أرواح جدودنا رفاق تناجيه في سكينة الليل، وتقص عليه أخبار حروبهم وأحاديث أمجادهم»، فتقدم الزعيم إذ ذاك إلى وسط رجاله وأسكتهم بإشارة، ثم قال متنهدا: «لا تزعجوه بذكرى الحروب، ولا تعيدوا على مسامع روحه الحائمة فوق رءوسنا أخبار السيوف والرماح، بل تعالوا نحمله بسكينة وهدوء إلى مسقط رأسه، ففي ذلك الحي نفس ساهرة تترقب قدومه، نفس صبية تنتظر رجوعه من بين الأسنة، فلنعده إليها كي لا تحرم نظرة من وجهه وقبلة من جبينه».
حملوه على المناكب مطأطئي الرءوس خاشعي العيون، مشوا بسكينة محزنة يتبعهم فرسه الكئيب يجر مقوده على الأرض ويصهل من وقت إلى آخر، فتجيبه الكهوف بصداها، كأن للكهوف أفئدة تشعر مع البهيم بشدة الضيم والأسى.
بين أضلع ذلك الوادي حيث أشعة القمر تسترق خطواتها، سار موكب النصر وراء موكب الموت، وقد مشي أمامهما طيف الحب ساحبا أجنحته المكسورة .
جمال الموت
مرفوعة إلى
M.E.H
دعوني أنم فقد سكرت نفسي بالمحبة، دعوني أرقد فقد شبعت روحي من الأيام والليالي، أشعلوا الشموع وأوقدوا المباخر حول مضجعي، وانثروا أوراق الورد والنرجس على جسدي، وعفروا بالمسك المسحوق شعري، وأهرقوا الطيوب على قدمي، ثم انظروا واقرأوا ما تخطه يد الموت على جبهتي، خلوني غارقا بين ذراعي الكرى فقد تعبت أجفاني من هذه اليقظة، اضربوا على القيثارات ودعوا رنات أوتارها الفضية تتمايل في مسامعي، انفخوا الشبابات والنايات وحيكوا من أنغامها العذبة نقابا حول قلبي المتسارع نحو الوقوف، ترنموا بالأغاني الرهاوية وابسطوا من معانيها السحرية فراشا لعواطفي، تأملوا وانظروا شعاع الأمل في عيني.
امسحوا الدموع يا رفاقي، ثم ارفعوا رءوسكم مثلما ترفع الأزهار تيجانها عند قدوم الفجر، وانظروا عروسة الموت منتصبة كعمود النور بين مضجعي والفضاء، أمسكوا أنفاسكم وأصغوا هنيهة واسمعوا معي حفيف أجنحتها البيضاء، تعالوا ودعوني يا بني أمي! قبلوا جبهتي بشفاه مبتسمة، قبلوا شفتي بأجفانكم وقبلوا أجفاني بشفاهكم، قربوا الأطفال إلى فراشي ودعوهم يلامسوا عنقي بأصابعهم الوردية الناعمة، قربوا الشيوخ ليباركوا جبهتي بأيديهم الذابلة المتجمدة، دعوا بنات الحي يقتربن وينظرن خيال الله في عيني، ويسمعن صدى الأبدية متسارعة مع أنفاسي.
الانفصال:
ها قد بلغت قمة الجبل فسبحت روحي في فضاء الحرية والانعتاق، قد صرت بعيدا بعيدا يا بني أمي فانحجبت عن بصيرتي جبهات الطلول وراء الضباب، وغمرت خلايا الأودية ببحر السكون، وامحت السبل والممرات بأكف النسيان، وتوارت المروج والغابات والعقبات وراء أشباح بيضاء كغيوم الربيع، وصفراء كشعاع الشمس، وحمراء كوشاح المساء، قد تضعضعت أغاني أمواج البحر، واضمحلت ترنيمة السواقي في الحقول، وسكنت الأصوات المتصاعدة من جوانب الاجتماع، فلم أعد أسمع سوى أنشودة الخلود متألفة مع أميال الروح.
Halaman tidak diketahui