48

Darah dan Keadilan

الدم والعدالة: قصة الطبيب الباريسي الذي سطر تاريخ نقل الدم في القرن السابع عشر

Genre-genre

وبعد سنوات من التعليم النظامي، اقتنع هارفي بأن الجسم يعمل بناء على المبادئ نفسها التي يعمل على أساسها باقي الكون؛ فالجسم عالم مصغر. فكما أن الشمس مركز المجموعة الشمسية ومصدر الحياة للعالم، اعتقد هارفي أن القلب مركز الجسم وأنه مصدر الحياة فيه. وفي الملاحظات الافتتاحية لكتاب «تمارين تشريحية على حركة القلب والدم في الحيوانات» (المشهور ب «حركة القلب») وهو الكتاب الذي ألفه هارفي في النهاية ليفصل عمله زاد على تلك الفكرة؛ إذ لم يكتف بتشبيه القلب بالشمس بل شبهه بولي نعمته الملك تشارلز الأول. وقد ورد في افتتاح أشهر كتب هارفي ما يلي:

هو أبرز الملوك! إن قلب الحيوان هو أساس حياته وأهم أعضائه وهو شمس عالمه الصغير؛ فعلى القلب يعتمد كل نشاطه، ومن القلب تنبع كل حياته وقوته. تماما مثلما أن الملك هو مركز مملكته وشمس عالمه ومنه تنبع كل القوة وكل الشرف.

لكن كان السؤال: كيف كان القلب يضطلع بوظيفته؟ تجسدت أحد المصاعب التي واجهت هارفي ومعاصريه في كيفية دراسة القلب. تمثلت إحدى المنهجيات في تشريح الحيوانات الميتة، لكنهم حينئذ لا ينظرون إلا إلى قلب ساكن، فكان من الصعب بالتبعية تحديد وظيفته. أما البديل، فكان شقهم صدور الحيوانات الحية، لكن علماء التشريح الرواد هؤلاء وجدوا أن القلوب كانت تنبض بسرعة كبيرة لدرجة أعجزتهم عن تمييز حركاتها المنفردة. وشبه هارفي الموقف بمحاولة فهم عمل البندقية؛ إذ تبدأ سلسلة الحركة بالضغط على الزناد، وتنتهي بخروج الطلقة من ماسورة البندقية. لكن تسلسل الأحداث الفرعية التي تربط بين الحدثين الأساسيين يتم بسرعة كبيرة تجعل تتبعه شبه مستحيل. فكان الأمل الوحيد هو إبطاء تلك العملية.

وفي سبيل تحقيق ذلك، ركز هارفي مشاهداته على قلوب الحيوانات المحتضرة - حيث ينبض القلب ببطء شديد نتيجة لذلك، أو على قلوب الثعابين التي تكون معدل نبض قلوبها منخفضا دائما. عندها استطاع أن يرى أن النبض في الشرايين يتبع انقباض القلب مباشرة. وصار متأكدا من أن ذلك النبض كان ناتجا عن مرور الدم في الأوعية.

وبالملاحظة الدقيقة، وجد هارفي أن الدم يدخل إلى الشق الأيمن من القلب من الوريد الأجوف، وهو الوريد الذي يجمع الدم من أعضاء الجسم بما فيها الكبد. وعندما ينقبض القلب فإنه يدفع الدم إلى الرئتين. ثم يعود الدم إلى الشق الأيسر من القلب ومن هناك يضخ عبر الشريان الأورطى إلى الشرايين في سائر أنحاء الجسم.

مرة أخرى تترك دراسة هارفي للفلسفة اليونانية القديمة بصمتها. فقد استنتج أرسطو أن هناك كمية كبيرة من المياه تجري في أنهار الأرض. ومن دون أي حسابات لمعدلات التدفق أو حجمه قرر الفيلسوف القديم أن العالم لم يكن يحتوي على كمية كبيرة من المياه تسمح بانسيابها من قمم الجبال إلى البحر دون أن تعود من البحر إلى قمة الجبل مرة أخرى:

من الواضح أنه إن أراد أي شخص حساب كمية المياه المتدفقة في يوم واحد وتخيل خزانا مائيا، فإنه سيجد أن ذلك الخزان يجب أن يكون في حجم الأرض كلها أو أقل بقليل ليتمكن من استقبال كل المياه المتدفقة في عام كامل.

أدرك أرسطو أن طاقة الشمس تتسبب في تبخر مياه البحر؛ إذ يرتفع البخار في الهواء ويبرد ويسقط في صورة أمطار على الجبال. وتتجمع هذه المياه في المجاري وتتدفق في الأنهار وتندفع نحو البحار، فقد كانت دورة نشاط.

وأيقن هارفي - من خلال ملاحظاته - أن كمية الدم التي تمر عبر القلب أكبر من أن تفسر في ضوء نظرية جالينوس عن جريان الدم في اتجاه واحد من الكبد إلى الأطراف. فقد اعتقد أنه ربما كانت هناك دورة مشابهة للماء:

لكن لا يمكن تصور أن الدم يتكون من عصارة الطعام الذي يدخل الجسم دون أن تجف الأوردة من ناحية وتنفجر الشرايين بسبب ضغط الدم من الناحية الأخرى إلا إذا كان الدم ينتقل من الشرايين إلى الأوردة ومن ثم يعود إلى الشق الأيمن من القلب. لقد بدأت أعتقد أن الدم لا يتحرك في حركة خطية بقدر ما يتحرك في دورة مغلقة.

Halaman tidak diketahui