فإن قال : فمن أين أشرك من أنكر خلق شيء من الأجسام ؟
قلنا : من هذا الوجه ، وقد عمد إلى ما يعجز عنه المخلوقون فعزاهم إليهم ، فأثبتهم في القدرة مع الله تعالى كهو سواء .
فإن قال قائل : ما الدليل على أن علينا معرفة جبريل عليه السلام ؟
فأول ما يقع السؤال على جبريل : هل هو من الملائكة أو غيرهم ؟
والثانية : ما البرهان على وجوب الإيمان به عند البلوغ ؟
والثالثة : ما حال المختلفين ؟
والرابع : ما حال الجاهل والشاك ؟
وأما إثبات جبريل من الملائكة ، فمن كتاب الله - عز وجل- ، ومن قبل الإجماع ، قال الله تعالى : ( نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين ) . وقال : ( من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عد للكافرين ) .
فإن قال : ما الدليل على أن جبريل عليه السلام هو الروح الأمين ؟ وبعد أن يكون روحا فليس ما يدل على أنه من الملائكة ،قال الله - عز وجل - : ( يوم يقوم الروح والملائكة صفا ) فدل أن الروح ليس من الملائكة ، لأنه خصه بالذكر دونهم .
وأما قوله : ( من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين ) .
فالذي يدل عليه الخطاب : أن الرسل أقرب المذكورين إلى الملائكة ، وإن كان ولابد فالرسل هم الملائكة ، وأما جبريل وميكال فلم تدل الآية على أنهما من الملائكة ، وإن كان ولابد فهما عطف على الرسل ، على أن الواو قطع ما بينهم ، كما أن الله تعالى قضى بالغيرية بين الميتة والدم ولحم الخنزير ، وليس في المسألة أكثر من الإجماع عند الشغب .
وأما وجوب الإيمان به عند البلوغ وبعده ، فالله أعلم .
وأما حال المختلفين بين موسع ومضيق ، فالله أعلم .
وأما حال الجاهل والشاك ، فهما مشركان عند الشيخ أبي الربيع سليمان بن يخلف ، وسالمان عند الشيوخ المتقدمين .
ومعرفة ما بين الشيوخ وأبي الربيع ، فالله أعلم لم يبلغنا فيها شيء .
Halaman 24