فإن سلموا من اخترام الشيطان وتحويل الآباء عما خلقت له فذلك واسع لهم ، وقال الله - عز وجل - في يحيى بن زكريا : ( وآتيناه الحكم صبيا ) .
وإنما التضييق أن يعلم محمدا ( صلى الله عليه وسلم ) ويشهد به لمن كان في جزيرة العرب لمن تناله الحجة ويسمع .
وهذه طريقة المعتزلة في أن الله تعالى ينال علمه والإيمان به من جهة الفكر ، لأنه قل ما ينفك الآدمي في مهلة بلوغه من تأمل الأشياء ، والنظر فيها وتجدد الأيام والليالي وما يعتريه من الأمراض والأوجاع والأسقام واختلاف الأهوية والأغذية والأزمنة والأمكنة والأرياح والأمطار وحدوث الثمار والنبات والأزهار إلا وقد اقتبس منها الحدوث .
ولو سألت مثل هذا عن عام أول أو قابل لفرق بينهما طبعا واستقراء ، وأول ما يستقر في نفسه حدوثه هو إن رأى من هو أكبر أو رأى من هو أصغر منه ، وإن استقر في نفسه وعقله إن كان بالغا ، أو يخبره أبناء جنسه فقبله اختيارا أو علمه اختيارا تحقق عنده الفاطر المحدث القاهر .
وقد يظهر في الأطفال شيء من هذا إذا اشتكى بكى وحن إلى والديه وشكا ورجا منهما الشفاء ، وإذا نظر إلى شفقتهما عليه وحنتهما لديه ولم يعنيا عنه شيئا ، اشتغل بتفجعه وتوجعه دونهما ، ويئس منهما وعلم أن معه من يشفيه ويكفيه ما به دونهما ، ومن وراء هذا كله قول الله - عز وجل - : ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) . ودين الصابئين أوسع لمن لم يسبق إليه دين غيره .
Halaman 7