وقد يتفق ما قالت المرجئة : من ذلك أحيانا مشرك وصدق في إيمانه غفر الله - عز وجل - له من ذنبه ما تقدم وما تأخر ، فأتاح الله من اخترمه من الدنيا ، فصار إلى الجنة كحال السحرة مع فرعون ، آمنوا إلى موسى عليه السلام ، فإخذهم فرعون وصلبهم وقتلهم وهم في مائة ألف وخمسين ألفا ونيف وصاروا إلى الجنة .
وأخرى أصحاب أهل الكهف وهم فتية آمنوا بربهم وزادهم هدى ورغبوا إلى ربهم في الرحمة والرشاد ( فقالوا : ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا ) . فمن الله عز وجل عليهم أن ضرب على آذانهم في الكهف سنين عددا ، ثم أحياهم وردهم لطفا من الله تعالى ومنه عليهم ، إذ حال بينهم وبين التكليف - مع فقد الأنبياء والهادين - إلى النوم الذي غشيهم فصار لهم كالموت ، إن لله ألطافا خفية ، فسلموا من المعاصي ولم يرتكبوها ، ومن الفرائض لم يلتزموها ، فصاروا من أهل الجنة .
وأخرى : لو ابتلوا عقيب إيمانهم وتوحيدهم بالجنون وفقد العقول ، كانوا كذلك .
ولو سرى بمن أسلم بعد إيمانه وصعد به إلى السماء ، حيث لا فرائض ولا معاصي ، لكان كذلك .
وكذلك لو صادف دين الصابئين دينا قلت فيه الفرائض ، أو وقع بجزيرة من جزائر البحور ، حيث لا يرى أنسيا ولا جليسا إلى الموت .
وكذلك من ألهم من المشركين الإيمان به ولم ير من يقيم الحجة بدين نبي من الأنبياء ، وصادف دين أبينا آدم عليه السلام .
وأخرى : لو كان من أهل المعاصي والذنوب والموبقة ، وكان الله - عز وجل - من عليه بدين ليس فيه بدعة ، وفتح الله تعالى له باب التوبة ، أو أحد أسبابها عند الموت ، أو قتل في سبيل الله ، أو من عليه بالحسنات التي تذهب السيئات ، أو المصائب التي تكفر الذنوب ، أو استوت حسناته مع سيئاته وسلم من البدعة والإصرار ، أو من عليه بالدعاء والاستغفار وفتح له باب الجنة عند الموت ، لكان أقرب إلى السلامة في هذا .
Halaman 37