يعني أن من اصطلاحه أن يذكر جميع ما ذكره الشيوخ الثلاثة المتقدمون وهم: أبو عمرو الداني، والشاطبي، وأبو داود، من أحكام الرسم التي اتفقت عليها المصاحف، أو اختلفت فيها مما رووه عنها، واعتمدوه موافقا لقراءة نافغ، فخرج ما ذكروه من الأحكام، واستضعفوه فلا يذكره، وأما التعاليل التي ذكروها فالغالب عدم ذكره لها، وقوله: من اتفاق أو خلاف يؤذن بأنه لم يلتزم ببيان ما ذكره الشيوخ من التشهير والترجيح، وحينئذ لا يلتفت إلى اعتراض شارحيه عليه بفوات بيان ذلك.
ثم أخبر أن من اصطلاحه، أيضا أن يشير بالحكم في حال كونه مطلقا إلى اتفاق الشيوخ المذكورين في أحكام ما قد رسموا أي: في أحكام الألفاظ التي ذكروا رسمها.
ومراده بالحكم المطلق ما لم يسند لواحد فأكثر من شيوخ النقل المذكورين، فيدخل فيه، قوله: وحذف "إِدَّارَأْتُم" "رهان"، وقوله و"احذف تفادوهم "يتامى"، و"دفاع"، وشبه ذلك، ويدخل فيه أيضا قوله: "كذاك لا خلاف بين الأمة" وقوله: "وللجميع الحذف في الرحمن"، وقوله: "وجاء أيضا عنهم في " العالمين"، وشبه ذلك مما فيه الحكم لكتبة المصاحف لا لشيوخ النقل؛ لأن هذه الأمثلة ونحوها خالية من إسناد الحكم لواحد فأكثر من شيوخ النقل المذكورين.
تنبيهان:
التنبيه الأول: ما اصطلح عليه في هذين البيتين لا يختص بحذف الألفات، بل يجرى في جميع أبواب نظم الرسم.
وأما قوله: قبل وفي الذي كرر منه اكتفى، البيتين فهو مختص بالحذف كما قررناه؛ لأن المتبادر عود ضمير على الحذف في قوله: "وحذف جئت به مرتبا"، ومن الشراح من جعله جاريا في جميع أبواب النظم أيضًا.
التنبيه الثاني: إنما لم ندخل الشيخ البلنسي في ضمير ذكروه؛ لأن إدخاله فيه يقتضي أن جميع ما ذكروه في المنصف يذكره الناظم، وهو ينافي قوله: قبل وربما
1 / 59