وخمسون رجلا، وكان إذا تكلم تشم من فيه رائحة المسك، فقيل له: اتتطيب كلما قعدت تقرئ الناس؟ فقال: ما أمس طيبا، ولا أقرب طيبا، ولكني رأيت -فيما يرى النائم- النبي ﷺ وهو يقرأ في في، وفي رواية يتفل في فمي، فمن ذلك الوقت تشم من في هذه الرائحة، قال المسيبي: قلت لنافع ما أصبح وجهك وأحسن خلقك فقال: وكيف لا وقد صافحني رسول الله ﷺ.
ولد ﵁ سنة سبعين، وتوفي بالمدينة سنة تسع وستين ومائة للهجرة في خلافة الهادي على الأصح، وروي أنه لما حضرته الوفاة، قال له أبناؤه، أوصنا، فقال: اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم، وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين، قال أبو محمد مكي في التبصرة، وكان -يعني نافعا- يقرئ الناس بكل ما قرئ الناس بكل ما قرئ عليه مما رواه ألا يسأله إنسان عن قراءته، فيأخذ عليه فلذلك كثر الاختلاف عنه، انتهى. وزاد في الإبانة إيضاحا فقال ما نصه: فإن يسأل سئل فقال: ما العلة التي من أجلها كثر الاختلاف عن هؤلاء الأئمة يعني السبعة، وكل ولحد منهم قد انفرد بقراءة اختارها مما قرأ به على أئمته، فالجواب أن كل واحد من الأئمة قرأ على جماعات بقراءات مختلفة، فنقل ذلك على ما قرأ، فكانوا في برهة من أعمارهم يقرئون الناس بما قرأوا فمن قرأوا عليهم بأي حرف كان لم يردوه عنه إذا كان ذلك مما قرأوا به على أئمتهم ألا ترى أن نافعا١ قال: قرأت على سبعين من التابعين فما اتفق على اثنان أخذته وما شذ فيه واحد تركته، وقد روي عنه أنه يقرئ الناس بكل ما قرأ به حتى يقال له: نريد أن نقرأ عليك باختيارك مما رويت، وهذا: قالون٢ ربيبه وأخذ الناس به، وورش٣ أشهر الناس في المتحملين عنه: اختلفا في أكثر
_________
١ نافع المدني، هو نافع بن عبد الرحمن الليثي، أحد أصحاب القراءات السبع الصحيحة نشأ بالمدينة، أخذ العلم قراءة عن سبعين من التابعين، ومع هذا فلا بعد ثقة، ومن تلامذه الأصمعي وقالون عيسى بن ميناء، توفي سنة ١٦٩هـ ٧٨٥م. ترجمته في التاريخ الكبير للبخاري ٤/ ٨٧-٢، والمشاهير لابن حبان: ١٤١ وغاية النهاية لابن الجزري ٢/ ٣٣٠، وميزان الاعتدال للذهبي ٣/ ٢٢٧. والتهذيب لابن حجر ١٠/ ٤٠٧، والأعلام للزركلي ٨/ ٣١٧.
٢ قالون: هو أبو موسى عيسى بن ميناء بن وردان أصله من المدينة، ولد سنة ١٢٠هـ/ ٧٣٨م، وتتلمذ على نافع، كان يعد في عصره حجة في القراءات في الحجاز على الرغم من وقر في أذنه، توفي قالون ﵀ سنة ٢٢٠هـ/ ٨٣٥م، ترجمته في: الفهرس لابن النديم: ٢٨، والتيسير للداني: ٤، وإرشاد الأريب للحموي: ٤/ ١٠٣، وغاية النهاية لابن الجزري: ١/ ٦١٥، والنجوم الزاهرة لابن تغري: ٣/ ٢٣٥، والأعلام للزركلي: ٥/ ٢٩٧.
٣ ورش: هو عثمان بن سعيد بن عبد الله القرشي المصري القيرواني، ولد في مصر سنة ١١٠هـ. ٧٢٨م، وتوفي بها أيضا سنة ١٩٧هـ/ ٨١٢م، تتلمذ على الإمام نافع، ترجمته في: التيسير للداني: ٤، وغاية النهاية لابن الجزري: ١/ ٥٠٢، والنجوم الزاهرة لابن تغري: ١١/ ١٥٥، وشذرات الذهب لابن العماد: ١/ ٣٤٩.
1 / 55