وإثبات ونقص وزيادة، وقطع، ووصل، ونحو ذلك إلا أن بعض ذلك تلقوه عن المصاحف العثمانية كما تقدم، وبعضه من مصاحف الأمصار المظنون بكل واحد منها متابعة مصحف مصره، كما تقدم أيضا، والضمير في قوله: أجلها يعود على الكتب المتقدمة، أي: أجل تلك الكتب الموضوعة في الرسم، وأعظمها فائدة، وصحة الكتاب المسمى بالمقنع؛ لأنه أتى فيه مؤلفه بنص، أي: بلفظ صريح مقنع، أي: كاف لمن اقتصر عليه، وكتاب المقنع الذي عناه الناظم هو المقنع الكبير، وهو مفيد في الرسم، وعليه اعتمد مجمل ممن اعتنى بعلم القرآن، والمقنع الصغير، نحو نصفه، وكلاهما من تأليف الحافظ أبي عمر، وعثمان بن سعيد بن عثمان بن عمر الأموي١، مولاهم المعروف في زمانه بابن الصيرفي وبعد ذلك بالداني، ولد بقرطبة، ثم انتقل منها إلى دانية، فنسب إليها ويكنى أبا عمرو.
كان ﵀ دينا ورعا كثير البركة مجاب الدعوة مالكي المذهب، سمع من أبي الحسن القابسي، وابن أبي زمنين وخلق كثير، وأخذ عنه أناس كثيرون بالأندلس وغيرها منهم أبو عمرو الداني قارئ الأندلس، وأبو الوليد الباجي فقيهها، وأبو عمرو بن عبد البر٢ محدثها، قال اللبيب في شرح العقيلة: رأيت لأبي عمرو الداني مائة وعشرين تأليفا منها أحد عشر في الرسم، أصغرها جرما كتاب المقنع، قال: وسمعت من يوثق به من أصحابنا أن له مائة ونيفا وثلاثين تأليفا في علم القرآن من قراءة، ورسم وضبط وتفسير وغير ذلك، وقال أبو القاسم خلف بن عبد الملك بن بشكوال٣: كان أحد الأئمة في علم القرآن بروايته وتفسيره، ومعانيه، وطرقه وإعرابه، وجمع في ذلك تأليف حسانا يطول تعدادها وله معرفة بالحديث، وطرقه، وأسماء رجاله ونقلته، وكان حسن الخط، جيد الضبط من أهل الحفظ والذكاء والتفنن،
_________
١ الحافظ أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان بن عمر الأموي مولاهم المعروف في زمانه بابن الصيرفي، ثم الداني.
٢ أبو عمر بن عبد البر، الحافظ جمال الدين يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر ولد سنة ٣٦٨هـ، بقرطبة، وتوفي سنة ٤٦٣هـ، له عدة تصانيف ومؤلفات وشروح، وتعاليق هدية العارفين: ٢/ ٥٥٠، إسماعيل باشا، وبغية الملتمس للضيي: ٤٧٤، وتذكرة الحفاظ: ٣/ ١١٢٨، وجذوة المقتبس للحميدي: ٣٤٤، والديباج لابن فرحون: ٣٧٥، والشذرات: ٣/ ٣١٤، والصلة: ٢/ ٦٧٧، والعبر: ٣/ ٢٥٥، وفيات الأعيان لابن خلكان: ٢/ ٣٤٨.
٣ ابن بشكوال.
1 / 50