ذكر في هذا البيت حكمة إرسال الله ﷿ للرسل عليهم الصلاة والسلام قال: ليبلغوا بضم الياء وكسر اللام من أبلغ الرباعي، أي: ليوصلوا الدعوة، أي: الرسالة للعباد، ولا معارضة بين هذا وبين ما تضمنه قوله تعالى: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ رُسُلًا﴾ ١.
من أن حكمة الإرسال قطع الحجة؛ لأن تبليغ الدعوة يستلزم قطع الحجة.
وقوله: ويوضحوا بضم الياء وكسر الضاد من أوضح الرباعي معطوف على يبلغوا، ومعناه يبينوا، ومهايع الإرشاد بكسر الياء طرقه، والإرشاد مصدر أرشد بمعنى هدى، وفي بعض النسخ مناهج بدل مهايع، وهي كالمهايع وزنا ومعنى.
وختم الدعوة والنبوءه ... بخير مرسل إلى البريئه
محمد ذي الشرف الأثيل ... صلى عليه الله من رسول
وآله وصحبه الأعلام ... ما انصدع الفجر عن الاظلام
فاعل ختم ضمير مستتر عائد على الله تعالى، ما ختم معطوف بالواو على مرسل من قوله، ومرسل الرسل، وهو من عطف الفعل على الاسم الشبيه بالفعل، أي مرسل الرسل، وخاتم الدعوة، والنبوءة، وختم مشتق من الختم، والختم يطلق بمعنى الإتمام، والفراغ، تقول: ختمت القرآن، أي: أتممته، وفرغت منه، ويطلق بمعنى الطبع، تقول: ختمت الكتاب بمعنى طبعته، أي جعلت عليه الطابع لئلا يفتح ويطلع على ما فيه، ويصح إرادة كلا المعنيين هنا؛ لأنه تعالى أتم الرسالة، والنبوءة بسيدنا محمد ﷺ وطبع عليهما به فلا يفتح بابهما لأحد بعده، ويشهد لهذا قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ ٢.
وقوله ﷺ: "إن الرسالة، والنبوءة قد انقطعت فلا رسول من بعدي ولا نبي" ٣ الحديث.
_________
١ سورة النساء: ٤/ ١٦٥.
٢ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٤٠.
٣ أخرجه الإمام الترمذي في الصحيح تحت عدد: ٢٢٧٢، والإمام أحمد في المسند ٣/ ٢٦٧، والحاكم في المستدرك: ٤/ ٣٩١، والمتقى الهندي في كنز العمال: ٤١٤٠٧، والسيوطي في جمع الجوامع ٥٥٦٦، وابن حجر في فتح الباري: ١٢/ ٣٧٥، وابن كثير في تفسيره: ٦/ ٤٢٣، والألباني في إرواء الغليل: ٨/ ١٢٨، والسيوطي في الدر المنثور: ٣/ ٣١٢.
1 / 33