ويستنهضون النساء، وقد بلغني - يا معشر الأنصار - مقالة سفهائكم - فوالله - إن أحق الناس بلزوم عهد رسول الله أنتم، لقد جاءكم فآويتم ونصرتم، وأنتم اليوم أحق من لزم عهده، ومع ذلك فاغدوا على أعطياتكم، فإني لست كاشفا قناعا، ولا باسطا ذراعا، ولا لسانا إلا على من استحق ذلك، والسلام.
قال: فأطلعت أم سلمة رأسها من بابها وقالت: ألمثل فاطمة بنت رسول الله يقال هذا، وهي الحوراء بين الإنس، والإنس (1) للنفس، ربيت في حجور الأنبياء، وتداولتها أيدي الملائكة، ونمت في حجور (2) الطاهرات، ونشأت خير منشأ، وربيت خير مربى؟! أتزعمون أن رسول الله حرم عليها ميراثه ولم يعلمها؟! وقد قال الله له:
* (وأنذر عشيرتك الأقربين) * (3)؟ أفأنذرها وجاءت تطلبه وهي خيرة النسوان، وأم سادة الشبان، وعديلة مريم ابنة عمران، وحليلة ليث الاقران، تمت بأبيها رسالات ربه، فوالله لقد كان يشفق عليها من الحر والقر، فيوسدها يمينه، ويلحفها بشماله، رويدا فرسول الله بمرأى لغيكم (4)، وعلى الله تردون، فواها لكم وسوف تعلمون.
قال: فحرمت أم سلمة تلك السنة عطاءها، ورجعت فاطمة (عليها السلام) إلى منزلها فتشكت (5).
قال أبو جعفر (6): نظرت في جميع الروايات، فلم أجد فيها أتم شرح، وأبلغ في الالزام، وأوكد بالحجة من هذه الرواية، ونظرت إلى رواية عبد الرحمن بن كثير فوجدته قد زاد في هذا الموضع:
أنسيتم قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبدأ بالولاية: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " وقوله " إني تارك فيكم الثقلين... "؟! ما أسرع ما أحدثتم! وأعجل ما
Halaman 124