241

Dalail Icjaz

دلائل الإعجاز

Editor

محمود محمد شاكر أبو فهر

Penerbit

مطبعة المدني بالقاهرة

Nombor Edisi

الثالثة ١٤١٣هـ

Tahun Penerbitan

١٩٩٢م

Lokasi Penerbit

دار المدني بجدة

وأنه يُكْنَى به عن ذلك، حتى إنَّه يكون مفهومَ اللفظ١، وإذا كان مفهومًا مِنَ اللفظ قَبْلَ أن يُذْكَر، كان ذكرهُ إذا ذُكِرَ تأكيدًا لا محالَة، لأنَّ حَدَّ "التأكيدِ" أنْ تحقِّقَ باللفظِ مَعْنًى قَد فُهِمَ مِنَ لَفْظٍ آخرَ قَدْ سَبَقَ منَكَ. أفلا ترى: أنه إنما كان "كلُّهم" في قولَك: "جاءني القوم كلُّهم" تأكيدًا من حَيْثُ كانَ الذي فُهِمَ منه، وَهُوَ الشُّمولُ، قد فُهم بديئًا من ظاهِرِ لفظِ "القومِ"، ولو أنَّه لم يكن فُهِم الشمولُ من لفظِ "القومِ"، ولا كانَ هو مِنْ موجبه، لم يكن "كلٌّ" تأكيدًا، ولكان المشمول مُستفادًا من "كلِّ" ابتداء.
وأما الوجه الثالث الذي هو فيه شبيهٌ بالصِّفة، فهو أنه إذا نُفَيَ أن يكونَ بَشرًا، فقد أثبتَّ له جنسَ سِواه، إذْ منَ المُحالِ أن يخرُجَ من جنسِ البشرِ، ثم لا يدخُلُ في جنسٍ آخرَ. وإذا كانَ الأمُر كذلكَ، كان إثباتُه "مَلَكًا" تبيينًا وتعيينًا لذلك الجنسِ الذي أريدَ إدخالُه فيه، وإغناء عن أن تحتاجَ إلى أن تسألَ فتقولَ: "فإنْ لم يكنْ بشرًا، فما هُوَ؟ وما جنسُه؟ " كما أنك إذا قلتَ: "مررتُ بزيدٍ الظريفِ" كان "الظريفُ" تَبيينًا وتعيينًا للذي اردتَ مِنْ بينَ مَنْ له هذا الاسمُ، وكنتَ قد أغنيتَ المخاطَبَ عن الحاجةِ إلى أن يقول: "أيَّ الزيدين أردت؟ ".
الإثبات والتأكيد بإن وإلا:
٢٦٢ - ومما جاءَ فيه الإِثباتُ "بإنْ وإلا" على هذا الحد قوله ﷿: ﴿مَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ﴾ [يس: ٦٩] وقولُه: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم: ٣، ٤] أفلا ترى أنَ الإِثباتَ في الآيتين جميعًا تأكيدٌ وتثبيتٌ لنَفي ما نُفِيَ؟ فإِثباتُ ما عُلِّمَه

١ عند هذا الموضع حاشية في "ج" نصها: "معناه أنه إذا كان الحال حال تعظيم، لم يحتمل قولك: "ما هو بآدمي"، و"ما هو بشرًا"، إلا أن تقول: إنه ملك".

1 / 230