181

Dalail Icjaz

دلائل الإعجاز

Penyiasat

محمود محمد شاكر أبو فهر

Penerbit

مطبعة المدني بالقاهرة

Nombor Edisi

الثالثة ١٤١٣هـ

Tahun Penerbitan

١٩٩٢م

Lokasi Penerbit

دار المدني بجدة

أمثلة أخرى للحذف:
١٧٥ - وإذْ قد عرَفْتَ هذا، فإنَّ هذا المعنى بعينِه قد أَوْجَبَ في بيتِ ذي الرُّمة أنْ يَضعَ اللفظَ على عكسِ ما وضَعه البحتريُّ١، فيُعملَ الأوَّلَ من الفعلين، وذلك قولُهُ:
ولم أَمدَحْ لأرضيهِ بِشعري ... لَئِيمًا، أَنْ يكونَ أصابَ مالا٢
أعْمَلَ "لم أمدحْ"، الذي هو الأول، في صريح لفظ "اللئيم"، و"أرْضى"، الذي هو الثاني، في ضميِرهِ. وذلك لأنَّ إيقاعَ نَفْي المدحِ على اللئيم صريحًا، والمجيءَ به مكشوفًا ظاهرصا، هو الواجبُ من حيثُ كان أصْلُ الغرضِ، وكان الإرضاءُ تعليلًا له. ولو أنه قال: "ولم أمدح لأُرْضِيَ بشعري لئيمًا"، لكانَ يكونُ قد أَبْهمَ الأمرَ فيما هو الأصْلُ، وأبانَهُ فيما ليس بالأَصْل، فاعرفْه.
١٧٦ - ولهذا الذي ذكَرْنا من أنَّ للتَّصريح عَمَلًا لا يكونُ مثلُ ذلك العمل للكناية، كان فعادة اللفظِ في مِثْلِ قولهِ تعالى: ﴿وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ﴾ [الإسراء: ١٠٥] وقولهِ تعالى: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ﴾ [الإخلاص: ١، ٢] من الحُسْنِ والبَهْجة، ومنَ الفَخَامة والنُّبل، ما لا يَخْفى موضِعُه على بصيرٍ. وكان لو تُرِكَ فيه الإظهارُ إلى الإضمار فقيل: "وبالحقِّ أنزلناه وبه نزل": و"قلْ هُوَ الله أَحدٌ هو الصَّمَدُ" لعدِمْتَ الذي أنت واجده الآن.

١ يعني البيت السالف في رقم: ١٧٢.
٢ في ديوان ذي الرمة.

1 / 170