187

Dala'il al-I'jaz

دلائل الإعجاز ت الأيوبي

Editor

ياسين الأيوبي

Penerbit

المكتبة العصرية

Nombor Edisi

الأولى

Lokasi Penerbit

الدار النموذجية

Genre-genre

(والوجه الثاني) أن تَقْصُرَ جِنسَ المعنى الذي تُفيدُه بالخبر، على المُخْبرَ عنه، لا على معنى المبالغة وتَرْك الاعتداد بوجوده في غير المخْبَر عنه، بل على دعوى أنه لا يُوجَدُ إلا منه؛ ولا يكون ذلك إلاَّ إذا قيَّدت المعنى بشيءٍ يُخصِّصُه ويجعله في حكم نوع برأسه، وذلك كنحو أن يُقيَّد بالحال والوقْتِ، كقولك: (هو الوَفِيُّ حينَ لا تَظُنَّ نفسٌ بنفسٍ خيرًا): وهكذا إذا كان الخبرُ بمعنًى يتعدَّى، ثم اشترطْتَ له مفعولًا مخصوصًا، كقول الأعشى [من المتقارب]:
هو الواهبُ المائةَ المُصْطَفا ... ةَ إمَّا مِخاضًا وإما عِشَارًا
فأنتَ تَجْعلُ الوفاءَ في الوقت الذي لا يَفي فيهِ أحَدٌ نوعًا خاصًا من الوفاء؛ وكذلك تجعلُ هِبَة المائةِ من الإبل نوعًا خاصًا وكذا الباقي. ثم إنك تَجعلُ كلَّ هذا خبرًا على معنى الاختصاص، وأنَّه للمذكور دون مَن عَداهُ. ألا تَرى أنَّ المعنى في بيت الأعشى أنه لا يَهَبُ هذه الهبةَ إلا الممدوحُ! وربما ظنَّ الظانُّ أنَّ (اللام) في "هو الواهبُ المائةَ المصطفاة" بمنزلتها في نحو: زيدٌ هو المنطلق" من حيث كان القصد إلى هبةٍ مخصوصةٍ، كما كان القصدُ إلى انطلاقٍ مخصوصٍ، وليس الأمر بذلك. لأنَّ القصدَ ههنا إلى جنس من الهبة مخصوصٍ، لا إلى هبةٍ مخصوصةٍ بعينها. يَدُلُّكَ على ذلك أن المعنى على أنه يتكرَّر منه وعلى أنه يَجعلُه يَهبُ المائةَ مرةً بعد أُخرى. وأما المعنى في قولك: "زيد هو المنطلق": فعلى القصد إلى انطلاقٍ كان مرة واحدة لا إلى جنسٍ من الانطلاق، فالتكرُّر هناك غيرُ مُتصوَّر، كيف وأنتَ تقول: جريرٌ هو القائل [من الطويل]:
وليس لسيفي في العظام بقيةٌ
تُريد أن تُثبتَ له قِيلَ هذا البيت وتأليفَه. فأفْصِلْ بين أن تقْصِد إلى نوع فعلٍ بين أن تقصدَ إلى فعلٍ واحدٍ متعيَّنٍ، حالهُ في المعاني حالُ زَيْد في الرجال، في أنه ذاتٌ بعينها.
(والوجه الثالث) أن لا يَقصد قصْرَ المعنى في جنسه على المذكور لا كما كان في "زيدٌ هو الشجاع" تُريد أن لا تعتدَّ بشجاعة غيره، ولا كما ترى في قوله: (هو الواهب المائة المصطفاة) لكن على وجهٍ ثالثٍ وهو الذي عليه قول الخنساء [من الوافر]:

1 / 186