111

Dala'il al-I'jaz

دلائل الإعجاز ت الأيوبي

Penyiasat

ياسين الأيوبي

Penerbit

المكتبة العصرية

Nombor Edisi

الأولى

Lokasi Penerbit

الدار النموذجية

Genre-genre

ترجُّح الكناية والاستعارة والتمثيل على الحقيقة
قد أَجمعَ الجميعُ على أن الكناية أَبْلَغُ من الإفصاحِ، والتعريضَ أَوْقَعُ من التصريح. وأنَّ للاستعارة مزيةً وفضلًا وأنَّ المجازَ أَبدًا أبلَغُ من الحقيقة. إلا أَنَّ ذلك، وإن كان معلومًا على الجملة، فإنه لا تَطمئنُّ نفْسُ العاقلِ في كل ما يُطْلَبُ العلمُ به، حتى يَبْلُغَ فيه غايتَه، وحتى يُغْلِغِلَ الفكْرَ إلى زواياه، وحتى لا يَبْقى عليه مَوضعُ شبهةٍ ومكانُ مسألة.
فنحن، وإنْ كنَّا نَعْلم أَنك إذا قلْتَ: (هو طويلُ النِّجاد، وهو جَمُّ الرماد). كان أَبْهى لِمَعْناك، وأَنْبلَ مِن أَن تَدَعَ الكنايةَ، وتُصرِّح بالذي تريد؛ وكَذا إذا قلتَ: (رأيتُ أسدًا) كان لِكلامِكَ مزيةٌ لا تكونُ إذا قلتَ: رأيتُ رجلًا هو والأسدُ سواءٌ، في معنى الشجاعةِ، وفي قوةِ القلب، وشدة البطش وأشباه ذلك. وإذا قلتَ: بَلَغني أنك تُقَدِّمُ رِجْلًا وتُؤخِّر أخرى. كان أَوْقَعَ من صَريحه الذي هو قولُك: بلغني أنك تَتردَّد في أَمرك، وأنك في ذلك كمَن يقول: أَخرجُ ولا أخرج، فيُقدِّم رِجْلًا ويؤُخِّر أخرى. ونَقْطعُ على ذلك حتى لا يُخالجُنا شكٌّ فيه. فإنَّما تَسْكُنُ أَنفُسُنا تمامَ السكونِ إذا عرَفْنا السببَ في ذلك والعلَّةَ، ولِمَ كان كذلك، وهيأْنا له عبارةً تُفْهمُ عنا من نُريد إفهامَه، وهذا هو القول في ذلك.

1 / 110