104

Dala'il al-I'jaz

دلائل الإعجاز ت الأيوبي

Penyiasat

ياسين الأيوبي

Penerbit

المكتبة العصرية

Nombor Edisi

الأولى

Lokasi Penerbit

الدار النموذجية

Genre-genre

وإنْ تعَسَّفَ متعسفٌ في تلاؤم الحروف، فبَلغَ به أن يكون الأصلَ في الإعجاز، وأَخرجَ سائر مَا ذكروه في أقسام البلاغة من أن يكون له مَدْخلٌ أو تأثيرٌ فيما له كان القرآنُ معجزًا، كان الوجهُ أن يقال له: إنَّه يَلزمُكَ، على قياس قولِكَ، أن تُجوِّزَ أنْ يكون هاهنا نظمٌ للألفاظ وترتيبٌ، لا على نَسَقِ المعاني، ولا على وجْهٍ يُقْصَد به الفائدةُ، ثم يكونَ مع ذلك مُعْجزًا، وكَفى به فسادًا. فإنْ قال قائلٌ: إني لا أجعلُ تلاؤمَ الحروفِ مُعْجزًا، حتى يكونَ اللفظُ مع ذلك دالًا؛ وذاك أَنه إنما يُصْعبُ مراعاةُ التعادلِ بين الحروفِ، إذا احتيجَ مع ذلك إلى مراعاة المعاني؛ كما أنه إنَّما يَصْعب مراعاةُ السجعِ والوزنِ؛ ويصعبُ كذلك التجنيسُ والترصيعُ، إذا رُوعي معه المَعْنى. قيلَ له: فأنتَ الآن إنْ عقَلْتَ ما تَقولُ، قد خرجْتَ من مَسْأَلتك، وتركْتَ أن يَسْتحِقَّ اللفظُ المزيةَ من حيثُ هو لفظٌ، وجئْتَ تَطْلبُ لِصعوبةِ النظْمِ فيما بين المعاني طريقًا، وتَضَعُ له علَّةً غيرَ ما يعرفُه الناسُ، وتدَّعي أنَّ ترتَيبَ المعاني سهْل، وأنَّ تفاضُلَ الناس في ذلك إلى حَدِّ، وأَنَّ الفضيلةَ تَزْداد وتَقْوى، إذا تُوَخِّي في حروف الألفاظِ التعادلُ والتلاؤمُ؛ وهذا منك وَهُمٌ؛ وذلكَ أنَّا لا نَعلمُ لِتَعادُلِ الحروف معنًى، سوى أنْ تَسْلَم من نَحْوِ ما تَجدُهُ في بيت أبي تمام [من الرمل]: كريمٌ متى أَمْدَحْه أمدَحْه والوَرى وبيتِ ابن يسير [من الرمل]: وانثنتْ نحو عَزْفِ نفسٍ ذهولِ

1 / 103