Dafc Shubh
دفع شبه من شبه وتمرد
Penerbit
المكتبة الأزهرية للتراث
Lokasi Penerbit
مصر
بعد وفاته كما في حياته وأن الآية عامة وشاملة للحياة وبعد الوفاة فتنبه لذلك وكذلك ذكره أبو منصور الكرماني من الحنفية أنه يدعو ويطيل الدعاء عند القبر المكرم وقال الأمام أبو زكريا النووي في مناسكه وغيره فصل في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وذكر كلاما مطولا ثم قال فإذا صلى تحية المسجد أتى القبر فاستقبله وإستدبر القبلة على نحو أربعة أذرع من جدار القبر وسلم مقتصدا لا يرفع صوته وذكر كيفية السلام ثم قال ويجتهد في إكثار الدعاء ويغتنم هذا الموقف الشريف إلخ فهذه نقول الأئمة بتطويل الدعاء عند القبر المكرم وقد خاب من افترى وكل أحد تلحقه الخيبة على قدره وقوله وهذا كله محافظة على التوحيد فإن من أصول الشرك بالله إتخاذ القبور مساجد كما قال طائفة من السلف في قوله تعالى
﴿لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا وقد أضلوا كثيرا﴾
قالوا كان هؤلاء قوما صالحين في قوم نوح فلما ماتوا اعتكفوا على قبورهم ثم صوروا على صورهم تماثيل ثم طال عليهم الأمد فعبدوها وقد ذكر ذلك المعنى البخاري في صحيحه عن إبن عباس رضي الله عنهما وذكره إبن جرير الطبري في تفسيره وغيره عن غير واحد من السلف إلخ وأنت أيها اللبيب أرشدك الله عزوجل وزادك بصيرة وفهما إذا تأملت هذا الإستدلال منه قطعت بجلهه وبخلطه في خبطه وعلمت بذلك سوء فهمه وخيالاته الفاسدة ومن نفس الدليل تعلم ذلك فإنه تخيل بذهنه الجامد وخياله الفاسد أن منع الزيارة والسفر إليها من المحافظة على التوحيد وأن الزيارة تؤدي إلى الشرك وعبادة الأوثان وهذا خيال فاسد لأن إتخاذ الصور مساجد وعيدا والعكوف وتصوير الموتى فيها هو المحذور والمؤدي إلى الشرك عند تطاول الزمان وهذا هو الممنوع منه كما هو مصرح به في الأحاديث الصحيحة في قوله صلى الله عليه وسلم لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا وفي قوله صلى الله عليه وسلم لما أخبر بكنيسة بأرض الحبشة قال أولئك إذا مات منهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا ثم صوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله عزوجل فهذا هو الذي حذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما الزيارة والسلام على الميت والدعاء له وعنده فلم يؤد إلى ذلك ولا له تعلق بتلك الأمور ومن تخيل ذلك فهو من سوء فهمه في هذا الأمر الواضح ولو كان يؤدي إلى ذلك لما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبلغ من ذلك لما أمره الله عزوجل بالخروج إلى قبور الشهداء الذين أكرمهم بالشهادة حين نزل عليه جبريل عليه السلام وأمره بأمر الله تعالى بالخروج إلى بقيع الغرقد بل كان نهاه أن لو أراد الخروج وأيضا فانه عليه الصلاة والسلام قال زوروا القبور كما رواه مسلم وغيره بزيادة إلى غير ذلك مما علمهم صلى الله عليه وسلم كيفية الزيارة كما جاء في الأحاديث في زيارتها قولا وفعلا
وتواتر ذلك وأجمع عليه المسلمون حتى إن منهم من أوجب زيارتها الظاهر قوله عليه الصلاة والسلام زوروا القبور فلو كانت الزيارة من الأمور التي تؤدي إلى الشرك كإتخاذها مساجد وعيدا والتصوير ونحو ذلك لم يشرعه الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وسلم ولا شرعها صلى الله عليه وسلم بقوله وبفعله وقد أطلعه الله عزوجل على ما أراد من غيبه وبعثه بدينه القويم وهو الصراط المستقيم ولا فعلها الصحابة رضي الله عنهم الذين هم من أصفياء الله تعالى بل كانوا أحرص الناس على ذلك خوفا من إعادة ما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بأماتته ودفنه واندراس أثره والله أعلم
وأنت أيها العاقل الفطن إذا تصورت ما نقلته لك وتعقلته بذهنك الصحيح علمت وتحققت أنه ليس لأحد أن يحرم إلا ما حرم الله تعالى وروسله وأنه لا يحل له التهجم على موارد الشرع ومصادره بخيالاته الفاسدة وأنه بذهنه الجامد أدرك ما لم يدركه الصحابة رضي الله عنهم ولو فتحنا هذا الباب وتتبعنا هذه الخيالات الفاسدة لهدمنا أمورا كثيرة من الدين ولا انحلت عراه عروة عروة وتبدلت بعد الجهالة ولمات الدين وذلك من الخسران المبين شعر
( فالقول ما قال النبي وصحبه
فإذا اقتديت بهم فنعم المقتدي )
وأعلم أن من جملة ما احتج به على منع زيارة قبره صلى الله عليه وسلم حديث اللهم لا تجعل قبري وثنا وعيدا
إشتد غضب الله على قوم إتخذوا قبور أنبيائهم مساجد وهذا من أظهر الأمور على عمى قلبه وطمس بصيرته كيف يتخيل متخيل فضلا عن أن يعتقد معتقد أن قبره المكرم المعظم يصير وثنا كلا والذي رفع ذكره وأعلى قدره وعظمه وملأ كتابه بذلك لا يمكن تصور ذلك وكيف يتصور وهو لا ترد له دعوة ولو في حق غيره فكيف بما هو في حقه وهذا من المعلوم الشائع الذائع عند المتسع الباع ولو عددت لك نقطة من ذلك مع الإقتصاد لضاقت القراطيس والألواح
Halaman 117