30

Daf’ Ihām al-Idtirāb ‘an Āyāt al-Kitāb

دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

Penerbit

مكتبة ابن تيمية - القاهرة

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م

Lokasi Penerbit

توزيع

Genre-genre

يُقَاتِلُوكُمْ. أَمَّا الْكَافِرُ الَّذِي لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ الْقِتَالُ كَالنِّسَاءِ وَالذَّرَارِيِّ وَالشُّيُوخِ الْفَانِيَةِ وَالرُّهْبَانِ وَأَصْحَابِ الصَّوَامِعِ، وَمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَلَا تَعْتَدُوا بِقِتَالِهِمْ لِأَنَّهُمْ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ، وَيَدُلُّ لِهَذَا الْأَحَادِيثُ الْمُصَرِّحَةُ بِالنَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الصَّبِيِّ، وَأَصْحَابِ الصَّوَامِعِ، وَالْمَرْأَةِ وَالشَّيْخِ الْهَرِمِ إِذَا لَمْ يُسْتَعَنْ بِرَأْيِهِ. وَأَمَّا صَاحِبُ الرَّأْيِ فَيُقْتَلُ كَدُرَيْدِ بْنِ الصِّمَّةِ، وَقَدْ فَسَّرَ هَذِهِ الْآيَةَ بِهَذَا الْمَعْنَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ﵁، وَابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ. قَوْلُهُ تَعَالَى: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ الْآيَةَ. هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى طَلَبِ الِانْتِقَامِ، وَقَدْ أَذِنَ اللَّهُ فِي الِانْتِقَامِ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ الْآيَةَ [٤٢ ٤١] . وَكَقَوْلِهِ: لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ [٤ ١٤٨] . وَكَقَوْلِهِ ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ الْآيَةَ [٢٢ \ ٦٠] . وَقَوْلِهِ: وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ [٤٢ ٣٩] . وَقَوْلِهِ: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا [٤٢ ٤٠] . وَقَدْ جَاءَتْ آيَاتٌ أُخَرُ تَدُلُّ عَلَى الْعَفْوِ وَتَرْكِ الِانْتِقَامِ، كَقَوْلِهِ: فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ [١٥ ٨٥] . وَقَوْلِهِ: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ [٣ ١٣٤] . وَكَقَوْلِهِ: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [٤١ ٣٤] . وَقَوْلِهِ: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [٤٢ ٤٣] . وَقَوْلِهِ: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ [٧ ١٩٩] . وَكَقَوْلِهِ: وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا [٢٥ ٦٣] . وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا بِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ اللَّهَ بَيَّنَ مَشْرُوعِيَّةَ الِانْتِقَامِ، ثُمَّ أَرْشَدَ إِلَى أَفْضَلِيَّةِ الْعَفْوِ، وَيَدُلُّ لِهَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ

1 / 32