Daf’ Ihām al-Idtirāb ‘an Āyāt al-Kitāb

Muhammad Al-Amin al-Shinqiti d. 1393 AH
104

Daf’ Ihām al-Idtirāb ‘an Āyāt al-Kitāb

دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

Penerbit

مكتبة ابن تيمية - القاهرة

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م

Lokasi Penerbit

توزيع

Genre-genre

لِكَوْنِهِ تَعَالَى يَدْفَعُ الْعَذَابَ الدُّنْيَوِيَّ عَنِ الْكُفَّارِ بِسَبَبِ وُجُودِ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ مَا وَقَعَ فِي صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ كَمَا بَيَّنَهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [٤٨ \ ٢٥] . فَقَوْلُهُ: لَوْ تَزَيَّلُوا أَيْ لَوْ تَزَيَّلَ الْكُفَّارُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَعَذَّبْنَا الْكُفَّارَ بِتَسْلِيطِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنَّا رَفَعْنَا عَنِ الْكُفَّارِ هَذَا الْعَذَابَ الدُّنْيَوِيَّ لِعَدَمِ تَمَيُّزِهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، كَمَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ الْآيَةَ. وَنَقَلَ ابْنُ جَرِيرٍ هَذَا الْقَوْلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكِ وَأَبِي مَالِكٍ وَابْنِ أَبْزَى، وَحَاصِلُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ كُفَّارَ مَكَّةَ لَمَّا قَالُوا: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً الْآيَةَ [٨] . أَنْزَلَ اللَّهُ قَوْلَهُ: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ، ثُمَّ لَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ ﷺ بَقِيَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِمَكَّةَ يَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ وَيَعْبُدُونَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ، فَلَمَّا خَرَجَتْ بَقِيَّةُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ مَكَّةَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ [٨]، أَيْ: أَيُّ شَيْءٍ ثَبَتَ لَهُمْ يَدْفَعُ عَنْهُمُ اللَّهُ، وَقَدْ خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ وَالْمُؤْمِنُونَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ، فَالْآيَةُ عَلَى هَذَا كَقَوْلِهِ: قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ [٩ \ ١٤] . الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ كُفَّارُ مَكَّةَ، وَعَلَيْهِ فَوَجْهُ الْجَمِيعِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرُدُّ عَنْهُمُ الْعَذَابَ الدُّنْيَوِيَّ بِسَبَبِ اسْتِغْفَارِهِمْ، أَمَّا عَذَابُ الْآخِرَةِ فَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ لَا مَحَالَةَ فَقَوْلُهُ: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ، أَيْ فِي الدُّنْيَا فِي حَالَةِ اسْتِغْفَارِهِمْ، وَقَوْلُهُ: وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ أَيْ فِي الْآخِرَةِ، وَقَدْ كَانُوا كُفَّارًا فِي الدُّنْيَا. وَنَقَلَ ابْنُ جَرِيرٍ هَذَا الْقَوْلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَعَمَلُ الْكَافِرُ يَنْفَعُهُ فِي الدُّنْيَا، كَمَا فَسَّرَ بِهِ جَمَاعَةٌ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ [٢٤ \ ٣٩]، أَيْ أَثَابَهُ مِنْ عَمَلِهِ الطَّيِّبِ فِي الدُّنْيَا،

1 / 106