Dadaisme dan Surrealisme: Pengenalan Ringkas Sangat
الدادائية والسريالية: مقدمة قصيرة جدا
Genre-genre
هل من المحتمل أن نجد تواصلا تعاطفيا صادقا مع المشروع السريالي؟ لا تكمن الإجابة في الفن (ما بعد) الحداثي، بقدر ما تكمن في التشكيلات الثقافية المضادة أو التجليات الفنية والسياسية التي تتسم بشيء شبيه بالدافع «الطليعي» السابق تعيينه في مطلع هذا الكتاب، على اعتبار أنه يميز الدادائية والسريالية. ومن هذا المنطلق، نجد أن الثمرة التاريخية المباشرة للسريالية تتمثل في مجموعة من التشكيلات الفنية المسيسة التي ظهرت في الفترة السابقة لعام 1968؛ ألا وهي جماعة كوبرا، وهي عبارة عن تحالف يضم فنانين بلجيكيين وهولنديين ودنماركيين ومعماريين وكتاب، استمر خلال الفترة بين عامي 1948 و1951؛ وحركة الحروفية، وهي حركة فرنسية بقيادة إيزيدور إيزو ، وانتقلت قيادتها لاحقا، بعد أن عرفت باسم الحروفية الدولية، إلى جي ديبور، واستمرت من عام 1946 وحتى عام 1957؛ وأخيرا حركة المواقفية، وهي ظاهرة فرنسية أساسا امتدت من عام 1957 وحتى عام 1972. وكما ذكرنا آنفا، أمكن فهم المواقفية التي طرحت بحلول منتصف الستينيات اهتماماتها الفنية فعليا، باعتبارها وريثة لسياسات السريالية للحياة اليومية. ولما كان أتباع المواقفية معارضين لعقلنة الحداثيين للمدينة، فقد انغمسوا في ضرب من التجوال نظروا له تحت اسم «الانجراف»، ودعوا في كتاباتهم إلى «العمران الوحدوي» الذي بموجبه يتم إعادة تنظيم مساحات العاصمة الحديثة لتلبية متطلبات الخيال أو العبث. كان هناك دين مباشر تدين به تلك الحركة للسريالية في هذا السياق؛ ففي مقالة نشرت عام 1950 تحت عنوان «جسر جديد»، كتب أندريه بريتون عن الأجواء المحيطة بالشوارع في باريس، بحيث يستطيع المرء في الشوارع المألوفة له أن يقوم بترسيم «مناطق الرفاهية ومناطق الاضطراب»، ونجد صدى لذلك في «تقرير» مهم عام 1957، بقلم قائد المواقفية جي ديبور، وفيه يتخيل كيف يجوز تنظيم «الآثار العاطفية» لمدينة تجريبية، حيث يقول:
وضع زميل لنا نظرية عن أحياء الحالة المزاجية، وبحسبها يتم تحديد كل حي من أحياء المدينة بحيث يستثير شعورا أساسيا محددا يعرض له المرء نفسه عن عمد.
بحلول منتصف الستينيات، تشارك العديد من التشكيلات الثقافية المضادة المضمون اليوتوبي لفكر المواقفية. ومن عدة طرق، يمكن النظر إلى تلك الظاهرة باعتبارها اللحظة الأخيرة العظيمة للدافع السريالي؛ ولذلك يجوز أن نعتبر صفحات المجلة البريطانية السرية «أوز» الصادرة في الستينيات، بمزجها الهذياني بين سياسات اليسار الجديد والسياسات اللاسلطوية، وثقافة متعاطي العقاقير المسببة للهلوسة والإثارة الجنسية؛ الومضات الأخيرة المتداعية للأيديولوجية السريالية. وفي ظل حركة المواقفية والثقافات المضادة للستينيات، من الملائم أن نستدعي فكرة الطليعية التي استغلت لتعريف الطبيعة التاريخية للدادائية والسريالية آنفا في هذا الكتاب. إلى حد معين، تداخلت الاهتمامات السياسية لجماعات الثقافات المضادة في هذه الفترة، مع حركات فنية مثل حركة الفلوكسوس. وإذ وضع المؤرخون الثقافيون ذلك نصب أعينهم، فقد استغلوا مؤقتا فكرة «الطليعية الجديدة» لتوصيف هذه العودة العابرة لمحاولات المزج بين الفن والحياة.
يترتب على ذلك أنه إذا كنا بصدد البحث عن إرث معاصر ذي مغزى للسريالية، وكذلك للدادائية، فستقتضي الحاجة أن نجد مكافئات حالية للمنهج الفني-السياسي للطليعية التاريخية أو الطليعية الجديدة. ومع ذلك، فقد لاحظ الكثير من المعلقين على ثقافة ما بعد السبعينيات أن الموقف الطليعي لا يبدو قابلا للتطبيق بعد، خاصة أنه من الصعب أن نتخيل مجموعة وحيدة تتبنى الموقف نفسه الذي تبنته الدادائية والسريالية في فترة من الفترات من محيط العمليات الاجتماعية. فقد تم استيعاب الراديكالية الفنية في بنى الثقافة الرأسمالية الأخيرة، وقليل من الفنانين الطموحين حاليا يرضون بانتظار إقامة معارض كبرى حتى نهاية حياتهم، كما هو الحال بالنسبة إلى دوشامب أو هارتفيلد على سبيل المثال. لقد نشأت الجماعات الثقافية المضادة على اختلاف ألوانها في أعقاب أواخر الستينيات، لكنها ارتبطت بقضايا محددة مثل البيئة أو حقوق المرأة، وبذلك تفادت الروح الشمولية للأيديولوجية السريالية. إن التنافر المحض لثقافتنا المعولمة الحالية يعني أن فكرة التحدث «نيابة عن البشرية» - وهو الأمر الذي كثيرا ما افترض السرياليون أنهم يفعلونه - تبدو على أي حال عبثية.
إذا كانت الطليعية ظاهرة طواها النسيان، فقد يرجع ذلك أيضا إلى أن القامات الثقافية الجديرة بالثقة، أمثال تريستان تزارا أو أندريه بريتون، لم تظهر على مشهد الأحداث ببساطة. إن عدد المفكرين الفرنسيين الكبار الذين أقروا بالأهمية التكوينية الحاسمة للسريالية بالنسبة إليهم ليس بالقليل، وتتضمن قائمة هؤلاء: رولان بارت، وميشيل فوكو، وجاك لاكان، وجوليا كريستيفا، وجاك دريدا. ولكن، هؤلاء الرموز ارتاحوا لمكانة الطائفة الأكاديمية أكثر من ارتياحهم للزعامة الثقافية؛ فقد بدت فكرة الزعامة بحد ذاتها استعلائية ومختلة التوازن بالنسبة إلى عصرنا.
وبخلاف هذا التخمين الخاص ب «بقاء» الدادائية والسريالية، يجدر بنا أن نسأل أخيرا بقدر أكبر من الصراحة : هل كانت الحركتان تستحقان الإحياء حقا؟ هل قبول سارة لوكاس لفكرة أن السريالية الآن مجرد جزء من ثقافة السلعة؛ يعتبر إقرارا بأن الحركة، في نهاية المطاف، كانت طريقا تاريخيا مسدودا؟
للتركيز على هذه القضية، تجدر العودة إلى نقد السريالية الذي طرحه راءول فانيجيم، المنسوب إلى حركة المواقفية، السالف مناقشته في نهاية الفصل الأخير. كان لدى فانيجيم عدد من الآراء القيمة التي أوردها في كتابه «تاريخ فروسي للسريالية»؛ فقد ذهب، على سبيل المثال، إلى أن السريالية البريتونية (نسبة إلى بريتون) كثيرا ما أخفقت في تحرير الإنسان على المستوى الأخلاقي. ويمكن أن ينظر لحرية حركة الرغبة وما إلى ذلك من مفاهيم على اعتبار أنها «محفزات لتجديد النظام القديم» فحسب. وفي المقابل، يدعم فانيجيم تفكير سرياليين أكثر تطرفا مثل موريس هاينه الباحث في أعمال ساد، الذي قابل في واحد من نصوصه بين متع التعذيب المريبة من ناحية، وما يصفه فانيجيم ب «نفي التجسيد البطيء» من ناحية أخرى؛ بتعبير آخر: أن يمسي الإنسان أداة ينتفع بها إنسان آخر، أفضل من أن يكون أداة تنتفع بها الدولة. إن إحساس فانيجيم بأن السريالية كانت جوهريا إنسانية الطابع و«رومانسية» أكثر مما ينبغي، أدى به إلى أن يطرح الفكرة الكاشفة التي مفادها أن كراهية السريالية الجوهرية للصناعة الحديثة ومناوأتها للمذهب الانتفاعي (وهو الموقف الذي قلما، بالمصادفة البحتة، تبنته الدادائية على الرغم من أنه كان ساخرا بشدة من الآلة)؛ تعنيان أن السريالية كانت عاجزة عن الربط ما بين التكنولوجيا الحديثة ورؤيتها. وكنتيجة لذلك، بحسب تصريح فانيجيم، «فقد استوعبت آليات الخداع والافتنان السائدة تلك الرؤية.» من الصعب أن ندرك تحديدا ما الذي أراد فانيجيم أن يفعله السرياليون، بخلاف تبني فكرة الاستنساخ الشامل على النحو الذي أيده والتر بنيامين، لكنه يطرح فكرة وجيهة مفادها أن فهم السريالية للحداثة كان غير كاف لها كي تقاوم عملية التسليع. كان هذا النقد يتسق مع موقف فانيجيم كتابع لحركة المواقفية، في مقابل ما أسماه ديبور «مجتمع الاستعراض»؛ وهو عالم تجمد فيه رأس المال وأمسى مركز إحساس مطوقا.
لا شك أن هذا الإحساس بأن السريالية تفتقر إلى الموارد اللازمة لمقاومة هضم الرأسمالية لها؛ هو الذي يجعل المرء حذرا من تأييد فكرة «استمراريتها». وحقيقة الأمر أن السريالية، في أشكالها الشعبية، يمكن فهمها على اعتبار أنها تشكل الأيديولوجية التي أعلنت معارضتها لها، وكأنها صارت معكوسة في مرآة مشوهة. في مقالة بعنوان «نظرة إلى ماضي السريالية»، اقتبس المنظر الماركسي ثيودور أدورنو الأفكار المتعمقة لزميله والتر بنيامين ليوحي بأن السريالية، إذ تستند إلى استخدام المونتاج، أعادت نشر ثقافة الصورة من مرحلة سابقة للرأسمالية، وبذلك أنتجت هزة إقرار واعتراف كاشفة لراصديها. ومع ذلك، فقد أضفى عليها تعويلها على تلك المواد الزائلة قالبا شبحيا عديم الحياة؛ وبلغة ماركسية، مثلت السريالية «تجسيدا» للإنسان تحت مظلة الرأسمالية.
ولكن، هل يمكننا القول بأن الدادائية صمدت بشكل أفضل من ذلك؟ في مجازفة مني بأن أبدو مغالطا من الناحية التاريخية، أود أن أختم بتعليق على كتاب فانيجيم «ثورة الحياة اليومية» المثير للجدل، الذي كتبه على مشارف عام 1968، وفيه نجد أن الدادائية، لا السريالية، توفر نموذج الممارسة الثقافية المتطرفة. وإذ رأى فانيجيم عدمية الدادائية كنقطة انطلاق للثورة الاجتماعية، فقد انتقد فانيجيم بشدة السريالية؛ لأنها لم «تبدأ مجددا بالعدمية المبدئية للدادائية، دون أن تبني نفسها على دادائية مناوئة للدادائية، ودون أن تنظر إلى الدادائية تاريخيا.» ويجوز بطبيعة الحال أن ننساق وننتقد فانيجيم بشدة لإخفاقه في فهم «الدادائية» تاريخيا. ولقد رأينا أن الدادائية لم ترق ببساطة إلى العدمية؛ فقد كانت أكثر غموضا مما راق لأتباع المواقفية، لكن احتياطاتها من الارتباك وعشقها للمفارقة والوقاحة - مما يجعلها حتى يومنا هذا «مستغلقة» حتى على كثيرين - يعتبران ترياقا لاستيعاب السريالية الهادئ نسبيا في المشهد.
إلى جانب بيان الملامح التاريخية والفلسفية للدادائية والسريالية، قد قارن هذا الكتاب بين الحركتين ووازن بينهما باستمرار. شغلت السريالية بضرورة الحال مساحة أكبر من النقاش، وذلك لأن السريالية - علاوة على استمرارها لفترة أطول كحركة - كانت مقدماتها النظرية مصاغة صياغة أكثر دقة. ولكن، يبدو من الملائم أن أختتم بقلب للصياغة التاريخية التي «تطورت» الدادائية بموجبها، وتحولت إلى السريالية الثورية الأكثر وعيا بالذات، وأن أميل الكفة لمصلحة اللحظة الدادائية القصيرة ولكن المحرضة. وكما صرح فانيجيم بحيويته التي نستغربها الآن: «كانت بداية الدادائية إعادة اكتشاف لتجربة معيشة ومباهجها الممكنة، وكانت نهايتها انعكاسا لكل المنظورات، وابتكارا لعالم جديد.»
Halaman tidak diketahui