Cuyun Tafasir
عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي
Genre-genre
اليوم الثالث على الزوال عند أبي حنيفة ولا يجوز عندهم «1»، قوله (لمن اتقى) خبر مبتدأ محذوف، أي جواز التخيير ونفي الإثم عن المتعجل والمتأخر لمن يتقي المناهي بعد انصرافه من الحج وإنما «2» خصه به، لأنه هو المنتفع به دون من سواه، ثم زاد في التحذير بقوله (واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون) [203] أي تجمعون فيجازيكم بأعمالكم، لأنهم كانوا إذا رجعوا من حجهم تجترؤن على الله بالمعاصي فشدد في تحذيرهم.
[سورة البقرة (2): آية 204]
ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام (204)
قوله (ومن الناس من يعجبك قوله) نزل حين جاء أخنس بن شريق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وكان حلو الكلام، حسن المنظر، فاجر السريرة، وقال: إنما جئت أريد الإسلام وقال الله يعلم أني صادق وأحبك فأعجب النبي عليه السلام كلامه، ثم خرج من عنده فمر بزرع ثقيف من المسلمين، فأحرقه ليلا وأهلك مواشيهم، لأنه كان بينه وبينهم عداوة فأخبر الله تعالى عنه بقوله ومن الناس من يسرك كلامه ويعظم في قلبك «3» (في الحياة الدنيا) أي ما يقول لك في غرض المعيشة في الدنيا، لأن ما ادعى من محبتك إنما هو لطلب حظ من الدنيا، فيتعلق «4» الجار والمجرور بقوله المذكور «5» (ويشهد الله على ما في قلبه) أي يقول الله شاهد على محبتك والإسلام في قلبي، والواو للحال في (وهو ألد الخصام) [204] أي أشد الخصومة والعداوة للمسلمين، ويجوز أن يكون الخصام جمع خصم، أي ألد الخصوم خصومة.
[سورة البقرة (2): آية 205]
وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد (205)
(وإذا تولى) أي أدبر عنك ورجع (سعى في الأرض) أي مضى فيها بعمل المعاصي (ليفسد فيها) أي ليظهر الظلم بسفك دماء المسلمين (ويهلك الحرث والنسل) بحرق الزروع «6» وعقر الدواب (والله لا يحب الفساد) [205] أي لا يرضى بعمل المعاصي.
[سورة البقرة (2): آية 206]
وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد (206)
(وإذا قيل له اتق الله) أي خف من الله في صنعك السوء (أخذته العزة) أي حملته حمية الجاهلية ملتبسة (بالإثم) الذي ينهى عنه، يعني ألزمته نخوته وكبره وقوته ارتكاب الإثم لجاجا على رد قول الناصح والواعظ له، قيل: من الذنوب التي لا يغفر أن يقال للرجل اتق الله، فيقول عليك حسبك أو «7» عليك نفسك «8»، يقول الله (فحسبه جهنم) أي هي كافية له (ولبئس المهاد) [206] أي الفراش والمقر، فصارت الآية عامة لجميع الناس من المنافقين.
[سورة البقرة (2): آية 207]
ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤف بالعباد (207)
(ومن الناس من يشري) أي يبيع (نفسه) نزل فيمن يبذلها في الجهاد أو في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى يقتل «9»، وقيل: نزل في صهيب بن سنان أكرهه المشركون على ترك الإسلام وقتلوا نفرا كانوا معه، فقال لهم أنا شيخ كبير أن كنت معكم لم أنفعكم وإن كنت عليكم لم أضركم فخلوني وما أنا عليه، أي من الإسلام وخذوا مالي فقبلوا منه ماله إلا مقدار راحلته، وتوجه إلى المدينة فلما دخلها لقيه أبو بكر رضي الله عنه
Halaman 103