216

Cuyun Tafasir

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

Genre-genre

[سورة النساء (4): آية 102]

وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا (102)

ثم بين لهم صلوة الخوف بالخطاب للنبي عليه السلام فقال (وإذا كنت فيهم) أي إذا كنت حاضرا في الخائفين من أصحابك بحضرة العدو وحضرت الصلوة عليكم (فأقمت لهم الصلاة) أي للمؤمنين (فلتقم طائفة منهم معك) في الصلوة وطائفة وجاه العدو (وليأخذوا) أي غير المصلين معك (أسلحتهم) بازاء العدو، أي ما شاؤا من السلاح أو المراد المصلون مع النبي عليه السلام فيأخذون من السلاح ما لا يشغل عن الصلوة كالخنجر والسيف، والسلاح كل ما يقاتل به ويمتنع (فإذا سجدوا) أي صلوا معك ركعة واحدة، وأتموا الثانية بنفسهم (فليكونوا) أي المصلون (من ورائكم) أي خراسا لكم بعد الصلوة بازاء العدو (ولتأت) أي ولتجئ (طائفة أخرى) أي الذين (لم يصلوا) معك بسبب العدو (فليصلوا معك) ركعة أخرى وتتوقف حتى يتموا الثانية ثم تسلم بهم (وليأخذوا) أي الآتون أو المصلون (حذرهم) أي تحرزهم عن العدو (وأسلحتهم) حاضرة بازاء العدو، وإنما جمع الحذر مع الأسلحة مبالغة في التحرز عن العدو، فان التيقظ للعدو يشبه بآلة يستعملها الغازي في كل موطن فيه خوف للتحفظ عن «1» شرهم، ولم يذكر في الآية لكل طائفة إلا ركعة واحدة، لكن في الخبر أن النبي عليه السلام صلى في صلوة الخوف بالطائفة الأولى ركعة، وبالطائفة الأخرى ركعة كما ذكرنا، وهو اختيار الشافعي «2»، وقيل: صلى النبي عليه السلام بطائفة أولا ركعة ثم ذهبت بازاء العدو وجاءت الطائفة التي كانت بازاء العدو فصلى معهم ركعة أخرى وسلم هو لا غير، ثم جاءت الطائفة الأولى وذهبت هذه الطائفة الأخرى إلى إزاء العدو حتى أدت الطائفة الأولى الركعة الأخرى بغير قراءة وسلموا، لأنهم كانوا في صلوة الإمام حكما ولو كانوا في وجه العدو، ثم ذهبت تحرس وجاءت الطائفة الأخرى وأدت الركعة الأولى بالقراءة، لأنه الإمام أتم صلوته فلا بد لهم من القراءة في الركعة الثانية لانتفاء الاقتداء فيها بالإمام وسلموا حتى صار لكل طائفة ركعتان، وهذا اختيار أبي حنيفة رضي الله عنه في صلوة الخوف «3»، ثم أومى الله تعالى إلى زيادة التحذير بقوله (ود الذين كفروا لو تغفلون) أي أن تغفلوا (عن أسلحتكم وأمتعتكم) التي للحرب (فيميلون عليكم) أي فيقصدونكم بالسوء ويحملون عليكم (ميلة واحدة) أي حملة واحدة في الحرب فكونوا بالحذر عنهم، ثم رخص لهم في ترك السلاح لعذر كالمرض والمطر فيثقل حمل السلاح عليهم بسبب ذلك بقوله «4» (ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى) من السقم في المزاج أو من الجراحة في البدن في (أن تضعوا) أي تزيلوا عنكم (أسلحتكم وخذوا حذركم) وإن لم تحملوا «5» السلاح لئلا يهجم العدو عليكم، ولما كان الأمر بالحذر من العدو يوهم توقع غلبته نفي عنهم ذلك بقوله (إن الله أعد للكافرين) بدين الحق (عذابا مهينا) [102] يهانون فيه بنصرته لكم عليهم أو بعقوبتهم بالنار في الآخرة، فالأمر بالحذر تعبد من الله لا بغلبة العدو «6».

[سورة النساء (4): آية 103]

فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا (103)

ثم قال (فإذا قضيتم الصلاة) أي فرغتم من صلوة الخوف (فاذكروا الله) بالتسبيح والتهليل (قياما وقعودا

Halaman 235