Cuyun Tafasir
عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي
Genre-genre
(حتى إذا فشلتم وتنازعتم) أي إلى وقت فشلكم ونزاعكم فهو متعلق بقوله «صدقكم الله وعده»، ومعنى «فشلتم» جبنتم، من الفشل وهو الجبن مع ضعف، وتركتم مركز الرماة لطلب الغنيمة واختلفتم (في الأمر) أي في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلتم: انهزم المشركون فما موقفنا ههنا، وقال بعضكم: لا نخالف أمر رسول ولا نبرح مكاننا كعبد الله بن جبير أمير الرماة في نفر دون العشرة (وعصيتم) أمر النبي عليه السلام بترك المركز (من بعد ما أراكم) الله (ما تحبون) من النصرة على عدوكم، وجواب «إذا» محذوف، وهو منعكم النصر فانهزمتم (منكم من يريد الدنيا) أي بترك المركز وطلب الغنيمة (ومنكم من يريد الآخرة) بالثبات على المركز وامتثال أمر الرسول عليه السلام (ثم صرفكم عنهم) أي ردكم عن الكفار بالهزيمة من بعد أن أظفركم عليهم (ليبتليكم) أي ليمتحن صبركم على المصائب من القتل والهزيمة والجراح وثباتهم على الإيمان عندها (ولقد عفا) الله (عنكم) لما علم من ندمكم على ما فرط منكم من عصيان أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم (والله ذو فضل) أي ذو التفضل بالعفو (على المؤمنين) [152] أي «1» يتفضل عليهم في جميع أحوالهم، لأن الابتلاء رحمة كما أن النصر رحمة.
[سورة آل عمران (3): آية 153]
إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم والله خبير بما تعملون (153)
قوله (إذ تصعدون) بضم التاء وكسر العين من أصعد إذا أبعد في الأرض ، يتعلق ب «صرفكم» أو ب «يبتليكم» أو باذكروا «2» مضمرا، أي اذكروا «3» حين تعلون في الهزيمة على الجبل هاربين من العدو (ولا تلوون) أي ولا تقيمون (على أحد والرسول يدعوكم) يا معشر المسلمين أنا رسول الله (في أخراكم) أي خلفكم فلم يلتفت أحد منكم إليه حتى صعدتم الجبل، قوله (فأثابكم) عطف على «صرفكم»، أي فجازاكم الله (غما) حين صرفكم عنهم وانهزمتم (بغم) أي بسبب غم أذقتموه الرسول عليه السلام حين عصيتموه أو غما متصلا بغم، أي مضاعفا على غم من سماع قتل النبي عليه السلام والجراح والهزيمة وفوت الغنيمة والنصرة وظفر المشركين (لكيلا تحزنوا) متعلق بقوله «فأثابكم عما»، أي غمكم لئلا تحزنوا لتعودكم «4» احتمال الشدائد (على ما فاتكم) من الفتح والغنيمة (ولا ما أصابكم) من مصائب «5» القتل والهزيمة والجراح (والله خبير بما تعملون) [153] أي عالم بأعمالكم فيجازيكم بها.
[سورة آل عمران (3): آية 154]
ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور (154)
(ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة) أي أزال عنكم الخوف وأنزل عليكم الأمن وأبدل من «أمنة» (نعاسا) أو مفعول له، لأن النعاس سبب حصول الأمن (يغشى طائفة منكم) بالياء، لأن الضمير فيه ل «النعاس»، وبالتاء «6» للتأنيث ردا إلى ال «أمنة»، أي يعلو النعاس في المصاف من كان أهل الصدق واليقين (وطائفة) مبتدأ، خبره (قد أهمتهم) أي أقلقتم (أنفسهم) يعني ما بهم إلا هم أنفسهم دون الرسول وأصحابه فلم ينزل عليهم السكينة، لأنها وارد روحاني لا يتلوث بهم (يظنون بالله غير الحق) أي ظنا غير ظن الحق (ظن الجاهلية) أي مثل ظن
Halaman 186