Mata Warisan
عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير
Penerbit
دار القلم
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤١٤/١٩٩٣.
Lokasi Penerbit
بيروت
خبر سلمان الفارسي ﵁
روينا عن ابن إسحق قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمٌ عَنْ مَحْمُودٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
حَدَّثَنِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ مِنْ فِيهِ قَالَ: كُنْتُ رَجُلا فَارِسِيًّا مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا (جي) وَكَانَ أَبِي دِهْقَانَ [١] قَرْيَتِهِ، وَكُنْتُ أَحَبَّ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيْهِ، لَمْ يَزَلْ حُبُّهُ إِيَّايَ حَتَّى حَبَسَنِي فِي بَيْتٍ كَمَا تُحْبَسُ الْجَارِيَةُ، وَاجْتَهَدْتُ فِي الْمَجُوسِيَّةِ حَتَّى كُنْتُ قَطَنَ [٢] النَّارِ الَّذِي يُوقِدُهَا لا يَتْرُكُهَا تَخْبُو سَاعَةً، وَكَانَتْ لأَبِي ضَيْعَةٌ عَظِيمَةٌ، فَشُغِلَ فِي بُنْيَانٍ لَهُ يَوْمًا فَقَالَ لِي: يَا بُنَيَّ إِنِّي قَدْ شُغِلْتُ فِي بُنْيَانِي هَذَا الْيَوْمَ عَنْ ضَيْعَتِي، فَاذْهَبْ إِلَيْهَا فَاطَّلِعْهَا وَأَمَرَنِي فِيهَا بِبَعْضِ مَا يُرِيدُ، ثُمَّ قَالَ لِي: وَلا تَحْتَبِسْ عَنِّي فَإِنَّكَ إِنِ احْتَبَسْتَ عَنِّي كُنْتَ أَهَمَّ إِلَيَّ مِنْ ضَيْعَتِي، وَشَغَلْتَنِي عَنْ كُلِّ أَمْرٍ مِنْ أَمْرِي، فَخَرَجْتُ أُرِيدُ ضَيْعَتَهُ الَّتِي بَعَثَنِي إِلَيْهَا، فَمَرَرْتُ بِكَنِيسَةٍ مِنْ كَنَائِسِ النَّصَارَى فَسَمِعْتُ أَصْوَاتَهُمْ فِيهَا وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَكُنْتُ لا أَدْرِي مَا أَمْرُ النَّاسِ لِحَبْسِ أَبِي إِيَّايَ فِي بَيْتِهِ، فَلَمَّا سَمِعْتُ أَصْوَاتَهُمْ دَخَلْتُ عَلَيْهِمْ أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُونَ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ أَعْجَبَتْنِي صَلاتُهُمْ وَرَغِبْتُ فِي أَمْرِهِمْ وَقُلْتُ: هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ، فَوَاللَّهِ مَا بَرِحْتُهُمْ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَتَرَكْتُ ضَيْعَةَ أَبِي فَلَمْ آتِهَا، ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ: أَيْنَ أَصْلُ هَذَا الدِّينِ؟ قَالُوا:
بِالشَّامِ، فَرَجَعْتُ إِلَى أَبِي وَقَدْ بَعَثَ فِي طَلَبِي وَشَغَلْتُهُ عَنْ عَمَلِهِ كُلِّهِ، فَلَمَّا جِئْتُهُ قَالَ:
أَيْ بُنَيَّ أَيْنَ كُنْتَ، أَلَمْ أَكُنْ عَهِدْتُ إِلَيْكَ مَا عَهِدْتُ إِلَيْكَ؟ قُلْتُ: يَا أَبَتِ مَرَرْتُ بِالنَّاسِ يُصَلُّونَ فِي كَنِيسَةٍ لَهُمْ فَأَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ مِنْ دِينِهِمْ، فَوَاللَّهِ مَا زِلْتُ عِنْدَهُمْ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، قَالَ: أَيْ بُنَيَّ، لَيْسَ فِي ذَلِكَ الدِّينِ خَيْرٌ، دِينُكَ وَدِينُ آبَائِكَ خَيْرٌ منه، فقلت
[(١)] الدهقان: رئيس القربة أو الإقليم. [(٢)] القطن: أي القيم على النار وموقدها عند المجوس، والجمع: أقطان.
1 / 75