Mata Warisan
عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير
Penerbit
دار القلم
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤١٤/١٩٩٣.
Lokasi Penerbit
بيروت
يَجِدُ مَا هُوَ أَحْسَنُ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ فَيَتْرُكُهُ وَيَأْخُذُ غَيْرَهُ إِذَا نَزَلَ مَنْزِلا سِوَاهُ، فَرَأَيْتُ أَنَّهُ إِلَهٌ بَاطِلٌ لا يَنْفَعُ وَلا يَضُرُّ، فَدُلَّنِي عَلَى خَيْرٍ مِنْ هَذَا؟ فَقَالَ: يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ رَجُلٌ يَرْغَبُ عَنْ آلِهَةِ قَوْمِهِ وَيَدْعُو إِلَى غَيْرِهَا فَإِذَا رَأَيْتَ ذَلِكَ فَاتَّبِعْهُ، فَإِنَّهُ يَأْتِي بِأَفْضَلِ الدِّينِ فَلَمْ يَكُنْ لِي هِمَّةٌ مُنْذُ قَالَ لِي ذَلِكَ إِلَّا مَكَّةَ، فَآتِي فَأَسْأَلُ هَلْ حَدَثَ فِيهَا حَدَثٌ؟
فَيُقَالُ: لا، ثُمَّ قَدِمْتُ مَرَّةً فَسَأَلْتُ فَقَالُوا: حَدَثَ فِيهَا رَجُلٌ يَرْغَبُ عَنْ آلِهَةِ قومه يدعو إِلَى غَيْرِهَا، فَشَدَدْتُ رَاحِلَتِي بِرَحْلِهَا ثُمَّ قَدِمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ أَنْزِلُ بِمَكَّةَ فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَوَجَدْتُهُ مُسْتَخْفِيًا وَوَجَدْتُ قُرَيْشًا عَلَيْهِ أَشِدَّاءَ
فَتَلَطَّفْتُ لَهُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَسَأَلْتُهُ فَقُلْتُ: أَيُّ شَيْءٍ أَنْتَ؟ قَالَ: نَبِيٌّ، فَقُلْتُ: وَمَنْ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: اللَّهُ، قُلْتُ: وَبِمَ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِحَقْنِ الدِّمَاءِ، وَبِكَسْرِ الأَوْثَانِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَأَمَانِ السَّبِيلِ، فَقُلْتُ: نِعْمَ مَا أُرْسِلْتَ بِهِ، قَدْ آمَنْتُ بِكَ وَصَدَّقْتُكَ، أَتَأْمُرُنِي أَنْ أَمْكُثَ مَعَكَ أَوْ أَنْصَرِفَ؟ فَقَالَ: أَلَا تَرَى كَرَاهَةَ النَّاسِ مَا جِئْتُ بِهِ فَلا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَمْكُثَ، كُنْ فِي أَهْلِكَ، فَإِذَا سَمِعْتَ بِي قَدْ خَرَجْتُ مَخْرَجًا فَاتَّبِعْنِي، فَمَكَثْتُ فِي أَهْلِي، حَتَّى إِذَا خَرَجَ إِلَى الْمَدِينَةِ سِرْتُ إِلَيْهِ فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَتَعْرِفُنِي؟ قَالَ: نَعَمْ، أَنْتَ السُّلَمِيُّ الَّذِي أَتَيْتَنِي بِمَكَّةَ وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثَ.
وروينا عن ابن إسحق قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ رِجَالٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالُوا: إِنَّ مِمَّا دَعَانَا إِلَى الإِسْلامِ مَعَ رَحْمَةِ اللَّهِ لَنَا وَهُدَاهُ لَمَا كُنَّا نَسْمَعُ مِنْ أَحْبَارِ يَهُودَ، كُنَّا أَهْلَ شِرْكٍ أَصْحَابَ أَوْثَانٍ، وَكَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ، عِنْدَهُمْ عِلْمٌ لَيْسَ لَنَا، وَكَانَ لا تزال بيننا وبينهم شرور، فإذا نلنا مِنْهُمْ بَعْضُ مَا يَكْرَهُونَ قَالُوا لَنَا: إِنَّهُ قَدْ تَقَارَبَ زَمَانُ نَبِيٍّ يُبْعَثُ الآنَ يَقْتُلُكُمْ قَتْلَ عَادٍ وَإِرَمَ، فَكُنَّا كَثِيرًا مَا نَسْمَعُ ذَلِكَ مِنْهُمْ، فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ مُحَمَّدًا ﷺ أَجَبْنَاهُ حِينَ دَعَانَا إِلَى اللَّهِ ﷿، وَعَرَفْنَا مَا كَانُوا يَتَوَاعَدُونَنَا بِهِ، فَبَادَرْنَاهُمْ إِلَيْهِ فَآمَنَّا بِهِ وَكَفَرُوا، فَفِي ذَلِكَ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَاتُ فِي الْبَقَرَةِ: وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ [١] .
وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقُلْتُ:
أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي التَّوْرَاةِ؟ قَالَ: أَجَلْ، والله إنه لموصوف في التوراة
_________
[(١)] سورة البقرة: الآية ٨٩.
1 / 72