Mata Warisan
عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير
Penerbit
دار القلم
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤١٤/١٩٩٣.
Lokasi Penerbit
بيروت
«دَعُوهُمْ»
فَمَا شَرِبَ مِنْهُ رَجُلٌ يَوْمَئِذٍ إِلَّا قُتِلَ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، فَإِنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ، ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ فَحَسُنَ إِسْلامُهُ، فَكَانَ إِذَا اجْتَهَدَ فِي يَمِينِهِ قَالَ: لا وَالَّذِي نَجَّانِي مِنْ يَوْمِ بدر.
قال: [١] وحدثني أبي ﵀ إسحق بْنُ يَسَارٍ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ أَشْيَاخٍ مِنَ الأَنْصَارِ قَالَ: [٢] لَمَّا اطْمَأَنَّ الْقَوْمُ: بَعَثُوا عُمَيْرَ بْنَ وَهْبٍ الْجُمَحِيَّ فَقَالُوا: احْزِرْ لَنَا أَصْحَابَ مُحَمَّد، فَاسْتَجَالَ بِفَرَسِهِ حَوْلَ الْعَسْكَرِ ثم رجع إليهم فقال: ثلاثمائة رَجُلٍ، يَزِيدُونَ قَلِيلا أَوْ يَنْقُصُونَ، وَلَكِنْ أَمْهِلُونِي حَتَّى أَنْظُرَ أَلِلْقَوْمِ كَمِينٌ أَوْ مَدَد قَالَ: فَضَرَبَ فِي بَطْنِ الْوَادِي حَتَّى أبعدَ، فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا [٣]، وَلَكِنِّي قَدْ رَأَيْتُ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ الْبَلايَا تَحْمِلُ الْمَنَايَا، نَوَاضِحُ يَثْرِبَ تَحْمِلُ الْمَوْتَ النَّاقِعَ، قَوْمٌ لَيْسَ لَهُمْ [٤] مَنَعَةٌ وَلا مَلْجَأٌ إِلَّا سُيُوفُهُمْ، وَاللَّهِ مَا أَرَى أَنْ يُقْتَلَ رجل منهم حتى يقتل رجلا مِنْكُمْ، فَإِذَا أَصَابُوا مِنْكُمْ عدادَهُمْ فَمَا خَيْرُ الْعَيْشِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَرُوا رَأْيَكُمْ، فَلَمَّا سَمِعَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ ذَلِكَ مَشَى فِي النَّاسِ، فَأَتَى عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ فَقَالَ: يَا أَبَا الْوَلِيدِ:
إِنَّكَ كَبِيرُ قُرَيْشٍ وَسَيِّدُهَا وَالْمُطَاعُ فِيهَا، هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ لا تَزَالَ تُذْكَرُ مِنْهَا بِخَيْرٍ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ؟ قَالَ: وَمَا ذَلِكَ يَا حَكِيمُ؟ قَالَ: تَرْجِعُ بِالنَّاسِ وَتَحْمِلُ أَمْرَ حَلِيفِكَ عَمْرِو بْنِ الْحَضْرَمِيِّ، قَالَ: قَدْ فعلت، أنت عليّ بذلك، إِنَّمَا هُوَ حَلِيفِي، فَعَلَيَّ عَقْلُهُ وَمَا أُصِيب من ماله، فأت ابن الحنظلة (يَعْنِي أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ) [٥] . ثُمَّ قَامَ عُتْبَةُ خَطِيبًا فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّكُمْ وَاللَّهِ مَا تَصْنَعُونَ بِأَنْ تَلْقُوا مُحَمَّدا ﷺ وَأَصْحَابَهُ شَيْئًا، وَاللَّهِ لَئِنْ أَصَبْتُمُوهُ لَا يَزَالُ رَجُلٌ يَنْظُرُ فِي وَجْهِ رَجُلٍ يَكْرَهُ النَّظَرَ إِلَيْهِ، قَتَلَ ابْنَ عَمِّهِ وَابْنَ خَالِهِ وَرَجُلا مِنْ عَشِيرَتِهِ، فَارْجِعُوا وَخَلُّوا بَيْنَ مُحَمَّد وَبَيْنَ سَائِرِ الْعَرَبِ، فَإِنْ أَصَابُوهُ فَذَاكَ الَّذِي أَرَدْتُمْ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ ألفاكم ولم تعرضوا منه ما تريدون.
[(١)] أي ابن إسحاق.
[(٢)] وعند ابن هشام: قالوا.
[(٣)] وعند ابن هشام: ما وجدت شيئا.
[(٤)] وعند ابن هشام: معهم.
[(٥)] قال ابن هشام: والحنظلية أم أبي جهل، وهي أسماء بنت مخرمة أحد بني نهشل بن دارم بن مالك بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بن تميم. فإني لا أخشى أن يشجر أمر الناس غيره ...
1 / 295