152

Mata Warisan

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

Penerbit

دار القلم

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤١٤/١٩٩٣.

Lokasi Penerbit

بيروت

ذكر خروج النبي ﷺ إلى الطَّائِفِ وَذَلِكَ فِي لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ شَوَّالٍ سنة عشر من النبوة، قال ابن إسحق: وَلَمَّا هَلَكَ أَبُو طَالِبٍ وَنَالَتْ قُرَيْشٌ مِنْ رسول الله ﷺ ما لَمْ تَكُنْ تَنَالُ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ، خَرَجَ إِلَى الطَّائِفِ وَحْدَهُ- وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَمَعَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ- يَلْتَمِسُ النُّصْرَةَ مِنْ ثَقِيفٍ وَالْمَنَعَةَ بِهِمْ مِنْ قَوْمِهِ، وَرَجَاءَ أَنْ يَقْبَلُوا منه ما جاءهم به من اللَّهِ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الطَّائِفِ عَمِدَ إِلَى نَفَرٍ مِنْ ثَقِيفٍ وَهُمْ يَوْمَئِذٍ سَادَةُ ثَقِيفٍ وَأَشْرَافُهُمْ وَهُمْ أُخْوَةٌ ثَلاثَةٌ: عَبْدُ يَالِيلَ، وَمَسْعُودٌ، وَحَبِيبٌ، بَنُو عَمْرِو بْنِ عُمَيْرِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عُقْدَةَ بْنِ غَيْرَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ ثَقِيفٍ، وَعِنْدَ أَحَدِهِمُ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي جُمَحَ، فَجَلَسَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَكَلَّمَهُمْ مَا جَاءَهُمْ لَهُ مِنْ نُصْرَتِهِ عَلَى الإِسْلامِ وَالْقِيَامِ مَعَهُ عَلَى مَنْ خَالَفَ مِنْ قَوْمِهِ، فَقَالَ لَهُ أَحَدُهُمْ وهو يَمْرُطُ [١] ثِيَابَ الْكَعْبَةِ: إِنْ كَانَ اللَّهُ أَرْسَلَكَ، وَقَالَ الآخَرُ: أَمَا وَجَدَ اللَّهُ أَحَدًا يُرْسِلُهُ غَيْرَكَ؟ وَقَالَ الثَّالِثُ: وَاللَّهِ لا أُكَلِّمُكَ أَبَدًا، لَئِنْ كُنْتَ رَسُولا مِنَ اللَّهِ كَمَا تَقُولُ لأنت أعظم خطرا من أن أراد عَلَيْكَ الْكَلامَ، وَلَئِنْ كُنْتَ تَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ مَا يَنْبَغِي أَنْ أُكَلِّمَكَ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ عِنْدِهِمْ وَقَدْ يَئِسَ مِنْ خَيْرِ ثَقِيفٍ، وَقَدْ قَالَ لَهُمْ فيما ذكر لي: «إذا فَعَلْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ فَاكْتُمُوا عَلَيَّ» وَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَبْلُغَ قومه، فلم يفعلوا، وأغروا بِهِ سُفَهَاءَهُمْ وَعَبِيدَهُمْ يَسُبُّونَهُ وَيَصِيحُونَ بِهِ حَتَّى اجتمع عليه الناس، قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: قَعَدُوا لَهُ صَفَّيْنِ عَلَى طَرِيقِهِ، فَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَ صَفَّيْهِمْ جَعَلَ لا يَرْفَعُ رِجْلَيْهِ وَلا يَضَعُهُمَا إِلَّا رَضَخُوهُمَا بِالْحِجَارَةِ [٢] حَتَّى أَدْمَوْا رِجْلَيْهِ. زَادَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: أَنَّهُ ﷺ كَانَ إِذَا أَذْلَقَتْهُ [٣] الحجارة، قعد إلى الأرض فيأخذون بعضديه

[(١)] يقال: مرط الصوف أي نتفه. [(٢)] أي رموهما بالحجارة. [(٣)] أي أجهدته وأتعبته.

1 / 155