Usman bin Affan: Antara Khalifah dan Raja
عثمان بن عفان: بين الخلافة والملك
Genre-genre
ما هو السبب في إسراع عثمان إلى الهجرة وفي أخذه زوجه معه؟ وما باله لم يبق بمكة كما بقي بها من السابقين إلى الإسلام من آثروا المقام إلى جانب رسول الله يمنعونه، ولا يضيقون صدرا بالأذى في سبيل الله؟ أفكان ذلك طلبا منه للسلامة وإيثارا للعافية؟ أم أنه، وكان يمقت القسوة، لم يطق أن يرى غيره من المسلمين يقاسي العذاب ألوانا؟ أو ترى بني أمية كانوا أشد بالذين أسلموا من بني قومهم بطشا، فكان عثمان الأموي وصهر رسول الله أشد تعرضا للمكروه؟ قد يكون بعض هذه الأسباب أو كلها مما أسرع به إلى الهجرة. ولعله أسرع إلى الهجرة مخافة أن تصاب زوجه رقية بسوء ولا يستطيع منعها من قومه فيكون ذلك له عار الأبد. وهذا الدافع الأخير كان قوي الأثر في نفس عثمان. روي أن امرأة مسلمة قدمت من أرض الحبشة فسألها رسول الله عن رقية وعلى أي حال رأتها، فكان جوابها: «رأيتها وقد حملها على حمار من هذه الدواب وقد رأيته يسوقها.» فتأثر رسول الله لما سمع فقال: «صحبها الله إن كان عثمان لأول من هاجر إلى الله بعد الوحي.»
أيا ما يكون دافع عثمان للإسراع إلى الهجرة، فقد ذهب مع ابنة رسول الله إلى الحبشة وبقي بها الهجرتين جميعا، ثم هاجر بعد ذلك من مكة إلى المدينة. فلما خط رسول الله دور المهاجرين من قريش إلى يثرب كانت دار عثمان في مواجهة دار الرسول، وكان باب عثمان في مواجهة بابه.
أقام عثمان بالمدينة ينعم بعطف النبي وبما ييسره له ثراؤه من خفض العيش ولينه. واتخذه رسول الله أمين سره فكان يكتب الوحي أحيانا. على أن رسول الله لم يشركه في غزوة من الغزوات التي سبقت بدرا. فلما خرج رسول الله على رأس المسلمين يلقى قريشا ببدر كانت رقية ابنته مريضة اشتد بها المرض، فأذن لعثمان في التخلف لتمريضها. ولم يغن عنها التمريض فماتت ودفنت يوم جاء البشير بانتصار المسلمين. وقسم رسول الله فيء بدر فجعل لعثمان سهما فيه كسهم من شهدها؛ ولذلك اعتبر عثمان من البدريين.
حزن عثمان لموت رقية أشد الحزن. وعرف له رسول الله حسن عشرته أهله، فزوجه من أختها أم كلثوم. وماتت أم كلثوم في حياة أبيها فحزن عثمان لموتها فكان مما واساه بها رسول الله قوله: «لو أن لنا ثالثة لزوجناك.» وزواج عثمان من رقية وأم كلثوم هو الذي جعل المسلمين يلقبونه من بعد «ذا النورين».
أفكان لعثمان زوجات شاركن رقية ثم شاركن أم كلثوم فراشه؟ أم أنه لم يشرك مع أيهن زوجا غيرها؟ يتعذر القطع في هذا الأمر أو إثباته، وإن أمكن القول: بأنه تزوج امرأة أو أكثر قبل رقية، ثم تزوج غير واحدة بعد أم كلثوم. وقد تزوج في جاهليته وإسلامه غير رقية وأم كلثوم من فاخته ابنة غزوان بن جابر، وأم عمرو بنت جندب بن عمرو من الأزد، وفاطمة ابنة الوليد بن عبد شمس بن المغيرة، وأم البنين بنت عيينة بن حصن الفزاري، ورملة ابنة شيبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، ونائلة بنة الفرافصة بن الأحوص وهي التي حضرت مقتله. وقد أعقب من هاتيك النسوة جميعا بنين وبنات يزيدون على الخمسة عشر.
تخلف عثمان عن غزوة بدر يمرض رقية. فلما استدار العام وكانت غزوة أحد شهدها مع سائر المسلمين. ثم كان موقفه وموقف أمثاله بها مما عفى الله عنه بعد أخذهم به. ذلك أن المسلمين انتصروا صبح ذلك اليوم، ثم دارت الدائرة عليهم فأذاعت قريش أن محمدا قتل. وفت هذا النبأ في أعضاد المسلمين ففر منهم من فر؛ وكان عثمان في هؤلاء. وعرف المسلمون بعد قليل أن النبي حي، فعاد أكثرهم إليه ودافعوا المشركين عنه. ولم يكن عثمان في هؤلاء وعير بعضهم عثمان بذلك في خلافته فكان جوابه: كيف يعيرني بذلك وقد عفى الله عني فقال:
إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم .
1
وبعد أحد شهد عثمان الخندق وخيبر وفتح مكة وغزوات حنين والطائف وتبوك فكان شأنه فيها جميعا شأن رجل من المسلمين ليس في مقدمتهم ولا في مؤخرتهم. ذلك بأنه لم يكن من أبطال الحرب أمثال حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب والزبير بن العوام وسعد ابن أبي وقاص وخالد بن الوليد ممن تثير حمية القتال نفوسهم وتدفعهم بين الصفوف في الوطيس يواجهون الموت ولا يهابونه، بل كان رجلا ساكن النفس يسير حين الحرب في صفوف الجماعة لا يتقدمها ولا يستأخر عنها.
وتستطيع أن تقول إن عثمان كان يحب المسالمة ما وجد إليها الوسيلة. وإنما كان إيمانه هو الذي يدعوه للخروج مع رسول الله في غزواته. يشهد بذلك موقفه من قريش أيام الحديبية. فقد سار رسول الله على رأس ثلاثمائة من المسلمين في السنة السادسة من الهجرة يريدون العمرة بمكة آمنين غير مقاتلين. وعلمت قريش بمسيرهم فأقسمت ألا يدخل محمد وأصحابه عليهم مكة عنوة. ورأى محمد فرسان مكة تبدو بظاهرها، فنزل بأصحابه الحديبية يريد السلم ويريد حج البيت وإعظام حرمته. وأراد رسول الله أن يبعث إلى قريش سفيرا عمر بن الخطاب، فاعتذر عمر بما تعرفه قريش من عداوته لها وغلظته عليها وأنه يخشاها على نفسه، واقترح أن يذهب عثمان بن عفان في هذه السفارة فهو أعز بمكة منه. وذهب عثمان فأجاره عثمان بن سعيد ثم حاول أن يقنع قريشا لتخلي بين محمد والبيت الحرام، فلم ترض قريش أن يدخل المسلمون مكة هذا العام عنوة. وطال احتيال عثمان بمكة يحاول أن يجد الوسيلة لبقاء السلم بين قريش والمسلمين. وظن المسلمون أن قريشا قتلت سفيرهم غدرا في الشهر الحرام فتولاهم القلق. وتولى رسول الله على عثمان من القلق أكثر مما تولى أصحابه فقال : «لا نبرح حتى نناجز القوم»، ودعا أصحابه إليه فبايعوه بيعة الرضوان أن يقاتلوا قريشا وألا يفروا حتى الموت. فلما تمت بيعتهم ضرب رسول الله بإحدى يديه على الأخرى بيعة لعثمان كأنه حاضر معهم. وإن القوم ليأخذون الأهبة للقتال إذ عرفوا أن عثمان لم يقتل، وإذ أقبل عليهم عثمان يبلغ رسول الله ما دار بينه وبين قريش. وتبين رسول الله أن قريشا اقتنعت بأنه. جاء معتمرا وأنها لا تريد القتال ولكنها تخشى على هيبتها بين العرب أن تضيع إذا دخل المسلمون مكة هذا العام عنوة، فاتخذ - عليه السلام - محادثات عثمان أساسا لمفاوضات مع رسل قريش انتهت إلى عهد الحديبية، وبه رضي الفريقان أن يرجع محمد وأصحابه عن مكة عامهم هذا، وأن يعودوا إليها في العام الذي يليه فيقيمون بها ثلاثة أيام يحجون البيت ويعظمون حرمته.
Halaman tidak diketahui